في كل بلدان العالم المتطورة كروياً يتم الاهتمام بالقواعد والعمل عليها لبناء جيل كروي متطور وقادر على منافسة الكبار، هذه الاستراتيجية التي تستغرق عشرات السنوات يتم قطف ثمارها على المدى البعيد، فعلى سبيل المثال تمشي اليابان في خطة كروية واستراتيجية بعيدة المدى هدفها التتويج بلقب كأس العالم عام 2050، لكن في بلدنا لا مكان للتخطيط على المدى البعيد كروياً وليس هذا فحسب بل إننا وليدو اللحظة، وحتى المواهب والإنجازات التي نحققها على مستوى الفئات العمرية تكون على الأغلب اجتهادات فردية يتم وأدها بعد فترة من الزمن ونسيانها بدلاً من العمل على تعزيزها لتكون قاعدة انطلاق ترفد منتخبات المستقبل كلها.
منتخب سورية للناشئين في عام 2015 تأهل إلى نهائيات كأس العالم التي أقيمت في تشيلي، وكان المنتخب العربي الوحيد الذي بلغ المونديال بعدما حل ثالثاً في قارة آسيا مناصفة مع أستراليا في إنجاز كبير يحسب للقائمين على ذلك المنتخب في تلك الفترة، وباعتراف القاصي والداني ولاسيما من واجه المنتخب في تشيلي، فإن نجومنا حصلوا على إعجاب الجميع على الرغم من أن النتائج لم تكن مرضية في المونديال، لكن الخبراء والمحللين أجمعوا على أن هذا المنتخب يمتلك من المواهب الفردية ما يسمح له بأن يكون رافداً لكل المنتخبات السورية في المستقبل ولاسيما أن القيادة الرياضية حاولت توفير كل مقومات النجاح لهذا المنتخب من خلال معسكر في مدينة كراسنودار الروسية، ما يعني أن هؤلاء الناشئين الذين لم يكن يتجاوز عمرهم الـ(17) عاماً في 2015 باتوا يمتلكون معظم مقومات النجاح وهو ما بدا جلياً في وجودهم وبروزهم ونجاحهم بقوة في عدد من الأندية المحلية التي عادوا إليها وحجزوا مكاناً أساسياً في تشكيلتها، ومنهم من احترف خارج البلاد، والمنطق يقول إنهم يجب أن يكونوا عماد كل المنتخبات التي ستأتي فيما بعد.. لكن السؤال الأبرز الذي يطفو على السطح هذه الأيام ونحن نتابع أسماء من استقر عليهم الكادر التدريبي في المنتخب الأولمبي ولاحقاً في منتخب الشباب.. أين نجوم منتخب سورية للناشئين المونديالي؟
غربة
بعد نهاية الرحلة المونديالية اتجه نجوم المنتخب رغم صغر أعمارهم إلى السفر خارج البلاد بحثاً عن فرصة احترافية في أحد الأندية الأوروبية، وربما كانت سابقة من نوعها سفر عدد كبير من هؤلاء النجوم إلى الخارج ولاسيما إلى ألمانيا تمشياً مع موجة الهجرة التي انتهجها الكثير من شباب الوطن، منهم من نجح في إيجاد البيئة المناسبة وتعاقد مع أحد الأندية كما حصل مع أنس العاجي صاحب الهدف الوحيد لمنتخبنا في مونديال الناشئين في مرمى باراغواي الذي يحترف حالياً في نادي آفيش البرتغالي ويتألق في صفوفه وبات عنصراً أساسياً في تشكيلته.
العاجي تمت دعوته للالتحاق بالمنتخب الأولمبي الحالي لكنه غير قادر على السفر خارج البرتغال حتى يحصل على الإقامة الدائمة وتالياً فالالتحاق بالمنتخب فيه من الخطورة الكثير على مستقبل العاجي في ناديه.
القسم الأكبر من النجوم المهاجرة ذهب باتجاه ألمانيا، الحارس المتألق وليم غنام الذي لفت أنظار الكشافين والخبراء في المونديال بأدائه الرائع وقوة شخصيته ذهب إلى مدينة دورتموند وبدأ بالاندماج في مجتمعها وتعلم اللغة الألمانية، كما يتدرب حالياً مع نادي (FC ROJ) بعد أن قضى فترة تدريبية مع نادي (HOMBRUCHER SV)، ومن تابع غنام في المنتخب يدرك أنه خامة رائعة لكي يكون حارس مرمى كبيراً في المستقبل، لكن عدم وجود عروض فعلية من ناديه الأصلي المجد وعدم تقدم أي من الأندية السورية لتقديم عرض احترافي له جعله يتجه للسفر.
وليم غنام ينتظر دعوة من القائمين على المنتخبات الوطنية وأبدى جاهزية كاملة للالتحاق بالمنتخب، وفي حديث خاص لـ(تشرين) قال غنام (تحدث معي سالم بيطار عندما كان مدرباً لحراس المنتخب الأولمبي سابقاً للالتحاق بالمنتخب، وانتظرت هذه الدعوة كثيراً لأنني لا أستطيع الحصول على إذن سفر من النادي إلا في حال وجهت لي دعوة، لكن بعد رحيل بيطار إلى منتخب الرجال انقطع الاتصال بشكل كامل، أنا أنتظر الدعوة وأريد اللعب لمنتخب الوطن فقد قضيت أجمل أيامي في المنتخب ولا يمكن نسيانها، عندما تحدث معي بيطار طرت من الفرحة).. وبلهجة عامية قال غنام (نحنا منشتري اللعب بالمنتخب بالمصاري لو فينا من كتر محبتنا له).
أحد أبرز نجومنا في المونديال كان لاعب الوسط زيد غرير الذي سافر بدوره إلى ألمانيا وبالتحديد لمدينة إيرفورت ويلعب مع نادي (ROT WEISS ERFURT) تحت 19 عاماً، وبعد محاولات عديدة من زيد ووالده وعائلته الرياضية التي تقطن في حمص وجهت الدعوة لزيد غرير للالتحاق بالمنتخب الأولمبي بعد التواصل مع مساعد المدرب عبد القادر الرفاعي والمدرب حسين عفش، لكن غرير صادف مشكلة في جواز سفره الذي ينتهي في نهاية عام 2017 فلم ينجح في الحصول على فيزا للدخول إلى دول الخليج التي تشترط أن يكون جواز السفر صالحاً لمدة لا تقل عن ستة أشهر وتالياً حرم زيد من السفر إلى البحرين حيث يعسكر المنتخب حالياً وكذلك لن يستطيع المشاركة في التصفيات الآسيوية في قطر.
أيضاً لمع اسم باسل كواكبي كأحد أبرز نجوم خط الوسط في آسيا عندما كان يشغل مركز الارتكاز في خط وسط منتخبنا، وكان بمنزلة حجر الأساس الذي تبنى من خلاله كل الهجمات، كواكبي سافر إلى مدينة بادربورن الألمانية بعد نهاية المونديال، علماً أنه كان لاعباً في صفوف نادي الاتحاد السوري، ويلعب كواكبي حالياً مع نادي بادربورن تحت 21 عاماً ويفكر في الانتقال لناد آخر في الدرجة الخامسة يدعى ديلبروك ليحصل على فرص لعب وخبرة أكثر، وينتظر الكواكبي أيضاً دعوة من الكادر الفني والتدريبي لأحد المنتخبات مبدياً استعداده للحضور الفوري ولاسيما أن أمور جواز سفره وغيرها من القضايا سليمة ويستطيع الالتحاق متى أراد، وعن ذلك قال كواكبي (لم يتكلم معي أحد من كودار المنتخبات، وفي حال وصلتني دعوة سأكون حاضراً وجاهزاً لتلبيتها واللعب لمنتخب الوطن).
محليون مهمشون
بعيداً عن الطيور المهاجرة في الغربة يوجد عدد من نجوم منتخب الناشئين المونديالي في الأندية المحلية ويقدمون مستويات رائعة في الدوري السوري لعل أبرزهم الشاب أيمن عكيل الذي نجح في حجز مركز أساسي له في تشكيلة نادي حطين، ويقدم معه مستويات رائعة وسجل هذا الموسم العديد من الأهداف وكان حاسماً في صناعة أهداف أخرى لزملائه ومساعدة ناديه على الوجود بين فرق المقدمة في الدوري، لكن كل هذا لم يشفع لأيمن للحصول على فرصة اللعب في المنتخب الأولمبي، وفي اتصال هاتفي معه، قال أيمن (لم يتواصل معي أحد من كادر المنتخب الأولمبي والحجة كانت أن عمري مناسب أكثر لمنتخب الشباب وأنا أنتظر دعوة لي من الكادر الجديد لمنتخب الشباب عند بداية التحضيرات للالتحاق به مباشرة).
الوضع نفسه الذي يعيشه العكيل ينطبق على محمد لولو مدافع نادي الشرطة وزميله محمد كواية أيضاً وكذلك وسيم النداف الذين يتمنون أن يجتمعوا من جديد بقميص منتخب الشباب الذي يستعد المدرب رأفت محمد لتشكيله في الفترة القادمة استعداداً للتصفيات الآسيوية التي ستنطلق بعد أشهر قليلة.
أسماء أخرى تنتظر أيضاً على أحر من الجمر لا نستطيع حصرها بالكامل، ومنها الحارس عمر خديجة من حطين، وطه العايق في الكرامة، ومحمد الحلاق لاعب نادي الكسوة الذي يمتلك موهبة رائعة أشاد بها الكثيرون في مونديال الناشئين
في الأولمبي
ونحن على أعتاب بدء التصفيات الآسيوية للمنتخبات الأولمبية نجد وجود ثلاثة لاعبين فقط من ناشئي المونديال في تشكيلة المدرب حسين عفش وهم المهاجمان عبد الرحمن بركات وعبد الهادي شلحة والمدافع حسن الضامن، وعلى الرغم من أنها مؤشر إيجابي إلا أنه غير كاف لإعطاء هؤلاء النجوم حقهم ولاسيما أن المدرب عفش لا يمنح هذا الثلاثي الفرصة كاملة ويعتمد عليهم كبدلاء واحتياطيين فقط وله وجهة نظر نحترمها لكننا نأمل أن يأخذ هؤلاء اللاعبون فرصتهم لإثبات جدارتهم وألا نندم بعد فوات الأوان.
خلاصة الكلام
لا نريد استباق الأحداث قبل معرفة الأسماء التي سيستقر عليها المدرب رأفت محمد في منتخب الشباب بعدما فات القطار فيما يتعلق بالمنتخب الأولمبي، لكننا سنبقى ندافع عن هذا الجيل ونطالب بإنصافه لأننا نؤمن أن مستقبل الكرة السورية في أقدام هؤلاء النجوم ولا مفر من الاعتماد عليهم والمطالبة بحقوقهم.
The post بعد «تطنيشهم» وإهمالهم.. نجوم منتخبنا المونديالي الناشئ 2015 يحترفون في أندية أوروبية appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.