لم تنفعني أغنية «دقّوا الشماسي عَ البلاج» للعندليب الأسمر عبد الحليم، ولا نسخة الصحيفة التي كنت أحمي رأسي بها.. إذ كدتُ أختنق فعلاً وأنا أنتظر الباص العظيم حتى يشرّفنا بكامل هيبته الديناصوريّة بينما أنا والعشرات من الركاب كنا كالخراف نحاول «التلطّي» تحت أي إفريزٍ أو شادر من شوادر المحال التجارية القريبة في محاولة يائسة للنجاة من شمس تمّوز الجهنميّة… إذ لن تجد في معظم شوارع العاصمة، ناهيك بالضواحي والعشوائيات المنسيّة، أي موقف باص يمكن أن يلتجىء إليه الناس صيفاً أو شتاءً كي لا «ينعلّوا» بضربة شمس قاضية أو بنزلة برد كاسحة… وإن صادفَ والتقيتَ وكحّلتَ عينيك بمرأى ذاك الموقف المحترم ستجد أنه إما تحوّل إلى بسطة لبيع الجرابات والعلكة لأحد الفقراء، وإما أصبح ركناً ثابتاً لبيع الدخان المهرّب! أمّا مظلّته فهي لا تتسع لأكثر من عشرة أشخاص ينحشرون بعضهم لصق بعض في حميمية زائفة، بينما بقية الناس مرشوشون كحبّات الأرز على طول الطريق.
المفارقة أن الباصات والسرافيس لا تقف فعلاً «وقفة عزٍّ» عند تلك المواقف لتجعلنا نحترمها وتصبح عادةً وثقافة حياة يومية، لأن السائق صاحب الجلالة إما أن يُنزلك قبل خمسين متراً وإما يشحط بك لما بعد بمئة متر، وشاهد حينها الشتائم المتبادلة ودعاء النساء العجائز!، وكذلك الناسُ أنفسهم لا يلتزمون بالمواقف النظاميّة وكأن بينهم وبينها عداءٌ تاريخي ويريدون دائماً أن يثأروا منها بألا يقتربوا منها نهائياً حتى لو كان ذلك في مصلحتهم ولخدمتهم هم وأطفالهم!.
لذلك، نصيحة أيها الإخوة المواطنون، وكي لا تنتظروا من المعنيين شيئاً؛ فلديهم من مكيفات الهواء ما يكفيهم، اصطحبوا معكم مظلّات ملونة، وغنّوا كلما همّ أحدكم بالخروج: «قولوا لعين الشمس ما تحماشي..» وترحّموا على شادية.. وأيام زمان!.
javados2004@yahoo.com
The post قوس قزح.. قولوا لعين الشمس! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.