على نواصي الطرقات تراهنّ في الصباح الباكر ينتظرن مركبات المبيت بمختلف أنواعها, في البداية كان عددهن قليلاً وكان يقف إلى جوارهن زملاء العمل وشيئاً فشيئاً بدأ عدد الرفاق ينخفض بينما تزداد أعداد النساء المنتظرات, قبل أن تحملهن المركبات وينغمسن في متاهات العمل اليومي.
أمام مفترق جديد نقف اليوم في تاريخ سورية الحديث, فالسنوات الست الماضية من الحرب فرضت واقعاً جديداً في المجتمع السوري على مختلف الصعد ولاسيما في الحياة العامة وفي قطاع الأعمال والخدمات والتعليم بمختلف أنواعه، وزاد حضور المرأة بشكل فاعل وظاهر، فما كان ممنوعاً في الأمس لم يعد كذلك، وما كان مكروهاً غدا محبوباً، هي الحياة تفرض إيقاعها بعد أن فرضت الحرب قوانينها.
شغلت الحرب الرجال بالقتال, فشغلت المرأة مكان الرجل في كل الأعمال، لم يعد يقتصر عمل المرأة على مهن تقليدية اختصت بها تاريخياً، فالمرأة التي كانت تختص ببيع الألبسة والإكسسوارات والسكرتاريا وكذلك بعض الصناعات اليدوية البسيطة, أصبحت اليوم تعمل في بقية المجالات على نحو أوسع وصولاً لبيع المنظفات والخضر والبقالة، وكما تحررت في مهن البيع والمهن التقليدية التي التزمت بها تاريخياً تحررت في الوظيفة العامة وفي أوقات الدوام، فها هي تشغل كل الأماكن التي كانت حكراً على الرجل في الوظيفة العامة، تثبت كفاءة ومقدرة على التنظيم والمتابعة، وتتفجر طاقة تملأ جو العمل بالتنافس والنجاح، وثمة أمثلة عدة تطالعنا في الخدمة العامة لا تقتصر على عمل محدد أو مثال بعينه.. العامل المشترك المميز فيها هو نجاح المرأة وتبوؤها كرسي المقدمة، في صحيفتنا مثلاً ولشهرين متتاليين تتبوأ الزميلات المقدمة بين المحررين والعاملين في شؤون التحرير من خلال تقليد أرادت الصحيفة تكريسه للإضاءة بشكل دائم على كفاءة العاملين وتحفيزهم على النجاح والمنافسة باستمرار.
هنا.. يظهر التقييم بناء على الكفاءة وليس على الإطلالة والمكياجات وقصات الشعر وعمليات التجميل والحقن في مختلف المواضع، وهنا تأخذ المرأة دورها على نحو فاعل بعيداً عن مصطلح تحرر المرأة الذي ظهر تحدياً لسلطة الرجل بينما الرهان كان يجب أن يكون على العمل والنجاح، فمعيار الكفاءة يظل دائماً قابلاً للتطور وفق مصالح يتفق الجميع على أحقيتها وصوابها بعيداً عن الأضواء والكاميرات والاستقواء بحقن البوتوكس.
The post بلا مجاملات.. بعيداً عن الاستقواء بحقن البوتوكس appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.