أكد المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير حسام الدين آلا أن تقارير اللجنة الدولية المستقلة للأمم المتحدة حول سورية تؤكد خروجها المتكرر عن اختصاصها عبر منح نفسها حق توجيه الاتهام السياسي بدلاً من التحليل القانوني مشيراً إلى أن تبنّي اللجنة تقارير أطراف مشبوهة ينزع عنها مصداقية الوفاء بمعايير إثبات الوقائع والادعاءات.
وفي بيان له خلال جلسة الحوار مع اللجنة حول تقريرها بخصوص الحالة في سورية وذلك في إطار البند الرابع من جدول أعمال الدورة الـ36 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت في مقر الأمم المتحدة بـ«جنيف» أمس أوضح آلا أن استناد اللجنة الدولية المستقلة للأمم المتحدة حول سورية إلى شهادات ومقابلات مع أشخاص مجهولين بعيداً عن مواقع الأحداث، وتبنيها تقارير أطراف مشبوهة ودول معادية للحكومة السورية وتسويقها تؤكد عدم موثوقية عملها وتنزع عنها مصداقية الوفاء بمعايير إثبات الوقائع والمزاعم والادعاءات.
وقال آلا: أذكّر هنا بما أثرناه في السابق حول اجتماعات موظفي اللجنة في تركيا مع هيئات سياسية مناهضة للدولة السورية في إطار تحقيقاتها، مضيفاً: في ظل هذه الانتقائية والانحياز لم يعد مستغرباً استمرار اللجنة في تجاهل مسؤولية الأنظمة التي رعت ومولت المجموعات الإرهابية المسلحة حتى مع قيام النظامين القطري والسعودي على خلفية الخلاف الناشب بينهما مؤخراً بفضح تورطهما بدعم الإرهاب في سورية وتمويله إلى جانب تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وشدّد آلا على أن الجمهورية العربية السورية دأبت على التحذير من تبعات هذا السياق المنحاز والانتقائي ومن مغبة استمرار الدول في استغلال آليات المجلس للتحكم بمسار ونتائج التحقيقات وتجييرها لمصلحة أجنداتها السياسية وتشويشها على نتائج اجتماعات «جنيف» و«أستانا» وعلى الإنجازات الميدانية المتحققة في مجال مكافحة الإرهاب وجهود المصالحات المحلية.
وتابع آلا: في هذا الإطار ترفض سورية الاتهامات التي يتبناها التقرير بما فيها مزاعم «التهجير القسري» من المناطق المستهدفة بالمصالحات المحلية والتي بقي أهلها فيها ولم يغادرها إلا المسلحون الذين رفضوا تسوية أوضاعهم واختاروا الخروج بإرادتهم إلى مناطق أخرى، مبيناً أن تقارير الأمم المتحدة تؤكد خلافاً لمزاعم اللجنة عودة أكثر من 700 ألف شخص إلى مناطقهم بعد تحريرها أو إنجاز المصالحات فيها.
وأشار آلا إلى أن ما أوردته الفقرة 34 من التقرير من مزاعم بشأن «صدور مراسيم رئاسية جديدة حول الإجراءات المتعلقة بملكية الأراضي والممتلكات»، في الوقت الذي لم يصدر فيه أي مرسوم يتعلق بتنظيم الملكية غير القوانين النافذة والمعمول بها سابقاً يقدم نموذجاً عن المعلومات الملفقة التي تستند إليها اللجنة في استنتاجاتها.
وشدّد آلا على أن الحكومة السورية تستنكر تركيز تقرير اللجنة على البعد الطائفي للإيحاء بوجود «حرب أهلية» في سورية وهي مزاعم تنفيها الجمهورية العربية السورية وترفضها رفضاً قاطعاً، كما أنها تستهجن تهرب اللجنة من تسمية مرتكبي التفجير الوحشي في منطقة الراشدين والذي استهدف قافلة المدنيين الذين تم إخلاؤهم من كفريا والفوعة رغم توفر كل الدلائل التي تظهر مرتكبي هذه الجريمة.
تقارير اللجنة مملوءة بالتناقضات والمعايير المزدوجة
وأوضح آلا أن تقارير اللجنة مملوءة بالتناقضات والمعايير المزدوجة، حيث لا تجد اللجنة مبرراً مثلاً للمطالبة بحماية المدنيين في الرقة من القصف الجوي الأمريكي أو المطالبة بإقامة ممرات أو هدن إنسانية وتوفير احتياجات السكان فيها كما فعلت إبان تحرير مدينة حلب من الإرهابيين وتكتفي بالتعبير عن القلق.
وأضاف آلا: إن اللجنة لا تتردد في التلاعب بالأطر الزمنية لعملها للتهرب من تحميل الولايات المتحدة وحلفائها المسؤولية عن مقتل وإصابة آلاف المدنيين نتيجة الغارات الجوية لـ«التحالف» غير الشرعي في الرقة ودير الزور والبادية السورية واستخدامه الفوسفور الأبيض وقصفه المدارس ومراكز الإيواء وتدميره المتعمد للبنى التحتية السورية، وتتعامل معها بوصفها تقارير «تستوجب التحقق» رغم مرور أشهر على وقوعها.
وتابع آلا: في المقابل لم تتردد اللجنة باتهام الحكومة السورية بـ«المسؤولية عن حادثة خان شيخون» المزعومة رغم عدم اختصاص اللجنة وتعدّيها على صلاحيات لجان مختصة تقوم بالتحقيق حالياً.
ولفت آلا إلى أن الحكومة السورية وجّهت رسالة رسمية لرئيس مجلس حقوق الإنسان تضمنت نفيها تلك الاتهامات وإدانتها لأي استخدام للأسلحة الكيميائية وتحذيراً من خطورة الترويج لهذه الأكاذيب التي تشوش على التحقيقات الجارية ولا سيما أن الحكومة السورية تتعاون بشكل كامل مع الآلية المشتركة ومع لجنة تقصي الحقائق المعنية بالتحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وأشار آلا إلى أن اتهامات اللجنة جاءت ترجمة لنيات مبيتة فضحتها إحدى عضوات اللجنة التي خرجت بعد ساعات قليلة من حادثة خان شيخون وقبل إجراء أي تحقيقات على وسائل إعلام سويسرية وإيطالية لتوجه اتهامات مسبقة إلى الحكومة السورية بـ«المسؤولية عن الحادثة»، مبيناً أن هذه التصريحات وما تلاها من تصريحات أدلت بها عضوة اللجنة المذكورة تثير التساؤلات حول دوافع تلك الاتهامات وحول مدى انسجام هذا السلوك مع قواعد الحياد والنزاهة ومع معايير العمل المهني.
وأضاف آلا: إن هذه التصريحات تدفعنا أيضاً في ضوء معلومات توفرت لدينا عن دوافع بعض العاملين في طاقم اللجنة وارتباطاتهم إلى مطالبة رئيس اللجنة بالكشف عن الخلفيات المهنية وجنسيات الطاقم الفني المتعاون معه في تلك التحقيقات حفاظاً على الشفافية في عمله.
وفي ختام بيانه أشار آلا إلى أن الجمهورية العربية السورية توافي الأمم المتحدة بما فيها مجلس حقوق الإنسان والمفوض السامي لحقوق الإنسان بمعلومات وتقارير وإحصائيات دورية حول تلك الجهود والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية المسلحة على اختلاف مسمياتها وولاءاتها، لكن للأسف لا تجد تلك الجهود طريقها لتقارير لجنة التحقيق الدولية ولا إلى تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان وأن المهنية والمصداقية تقتضيان عدول اللجنة عن تجاهلها لما تقدمه الحكومة السورية لها.
The post السفير آلا: تبنّي اللجنة الأممية المستقلة حول سورية تقارير أطراف مشبوهة ودول معادية لسورية ينزع عنها المصداقية appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.