«بوسطن غلوب»: لا مكان للمنطق في السياسة الأمريكية

ليس من المدهش أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سار في ركب السياسة الخارجية السائدة، فسلفه باراك أوباما فعل الشيء نفسه في وقت مبكر من رئاسته، ولكن الأكثر إثارة للقلق هو أن ترامب جيَّر الكثير من سلطته إلى الجنرالات.
وفي هذا السياق أشار الكاتب الأمريكي ستيفن كينزر في مقال له نشرته صحيفة «بوسطن غلوب» إلى أن المجلس العسكري كان من بين الرموز السياسية الأكثر ديمومة في القرن العشرين، ويتكون من مجموعة من الضباط المهمين ـ عادة ثلاثة ـ ممن ارتفعوا للسيطرة على الدولة، ويتساهل المجلس العسكري مع المؤسسات المدنية التي توافق على أن تظل خاضعة له، ولكنه في النهاية يفرض سيطرته الكاملة، ومنذ بضعة عقود حكمت هذه المجالس بعض الدول في أمريكا اللاتينية وأوروبا وغيرهما.
وأكد كينزر أن النظام العسكري في هذه الأيام عاد إلى الولايات المتحدة تحديداً من بين كل الدول، وقد وقعت السلطة المطلقة في تشكيل السياسة الخارجية والأمن الأمريكي في أيدي ثلاثة جنرالات عسكريين هم: وزير الدفاع جيمس ماتيس، كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، إضافة إلى مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، وكما يبدو فإن مهامهم لا تنحصر في استعراض المسيرات العسكرية أو إرسال فرق الموت لقتل المعارضين كما جرت العادة، إذ إن ظهورهم يعكس مرحلة جديدة في تآكل معايير السياسة الأمريكية وعسكرة السياسة الخارجية.
وقال الكاتب: وبالنظر إلى جهل ترامب بالشؤون العالمية، فإن ظهور مجلس عسكري في واشنطن قد يبدو موضع ترحيب، فبعد كل شيء هؤلاء الأعضاء الثلاثة هم من ذوي الخبرة العالية على عكس ترامب وبعض السياسيين الحمقى الذين أحاطوه عندما انتقل إلى البيت الأبيض، ومع ذلك فإنهم يرون العالم من منظور عسكري فيتصورون حلولاً عسكرية لمشكلاته ما يؤدي إلى تحريف الأولويات الأمريكية، حيث إن الاحتياجات العسكرية تصنف دائماً بأنها أكثر أهمية من الاحتياجات المحلية.
وأضاف الكاتب: وكان ترامب قد أوضح في وقت سابق أنه عندما يتعين عليه اتخاذ خيارات السياسة الخارجية، فإنه سيسلمها إلى «جنرالاته»، بمن فيهم ماتيس، الرجل القوي في المجلس العسكري الجديد وهو الرئيس السابق للقيادة المركزية التي توجه الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وكيلي وهو من قدامى المحاربين ضد العراق، إضافة إلى ماكماستر الذي قاد القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان تقريباً من دون انقطاع منذ عام 1991.
اللافت، وفقاً للكاتب، أن القادة العسكريين يتم تدريبهم على خوض الحروب، وليس لتقرير ما إذا كان القتال منطقياً أم لا، وقد يكونون قادرين على تحديد عدد القوات اللازمة للحفاظ على المهمة الحالية في أفغانستان على سبيل المثال، ولكنهم غير مدربين على طرح السؤال الأكبر حول ما إذا كانت هذه القوات تخدم مصلحة الولايات المتحدة على المدى الطويل أم لا، إذ إن هذه هي وظيفة الدبلوماسيين الذين يتم تدريبهم على التفاوض ونزع فتيل الصراعات وتقييم المصلحة الوطنية بهدوء ووضع السياسات للنهوض بها.
وتابع كينزر: وعلى الرغم من ضبط ماتيس النسبي للوضع مع كوريا الديمقراطية، فإن الأعضاء الثلاثة في المجلس العسكري يروجون لنهج المواجهة الذي قاد إلى الحرب الممتدة في أفغانستان وضد العراق وما وراءها، في حين أدى إلى تأجيج التوتر في أوروبا وشرق آسيا، لافتاً إلى أن ترامب في الشهر الماضي واجه قراراً حاسماً بشأن مستقبل الحرب الأمريكية في أفغانستان، ما شكل نقطة تحول محتملة، إذ إن ترامب كان قد كتب قبل أربع سنوات: «دعونا نخرج من أفغانستان»، ولو نفذ ذلك الآن لكانت النخبة السياسية والعسكرية في واشنطن ستذهل، غير أن أعضاء المجلس العسكري بدؤوا العمل بإقناع الرئيس بضرورة عدم الانسحاب ورفض «الخروج السريع» من أفغانستان بل زيادة قوام القوات هناك بدعوى «محاربة الإرهابيين».

The post «بوسطن غلوب»: لا مكان للمنطق في السياسة الأمريكية appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the «بوسطن غلوب»: لا مكان للمنطق في السياسة الأمريكية on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.