خطاب الرئيـس الأسد رد على من يريد توظيف الانتصار على المؤامرة لإعادة إنتاج أهدافهـا

أغلب من تناولوا خطاب السيد الرئيس بشار الأسد، في تاريخ 20 آب 2017، توقفوا عند ثلاث مسائل، الأولى: تأكيده على عروبة سورية بالمعنى الحضاري، والثانية: تشديده على مركزيّة القضية الفلسطينية وثبوتيّة دعم المقاومة المسلحة ضد العدو الإسرائيلي، مع لفت النظر إلى الفارق بين المقاوم والمتاجر باسم المقاومة، والثالثة: وصفه للغرب بالأفعى وإشارته للتوجه اقتصادياً وثقافياً وسياسياً شرقاً. وكل من استوقفته هذه التصريحات له تمام الحق في ذلك، لأنها جاءت رداً على تيار يريد توظيف الانتصار على المؤامرة في اتجاه إعادة إنتاج أهدافها نفسها (الانسلاخ من الجغرافيا والتاريخ، تهميش الخصومة مع الطرف الصهيو-أمريكي، الدوران في فلك البيت الأبيض).
وكما أن للمطالب الشعبية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من يستثمر فيها فيخطفها ويحوّلها لمؤامرة متكاملة تطحن، أول ما تطحن، الفقراء أنفسهم، والثائرين الحقيقيين معهم، فإن للانتصار على المؤامرة من يستثمر فيها، أيضاً، وصورة من هذا جرت بعد 30 حزيران في مصر، حيث بدأت بجماهير تحرق صور باراك أوباما وآن باترسون -السفيرة الأمريكية- وعلم الكيان، وتنصرف عن «النخب السياسية» لعمالتها، وتطالب بكسح عقليات قروسطية وطائفية عامت على سطح المشهد السياسي… وانتهت إلى الارتماء في أحضان ترامب والبيت الأبيض والصهيونية والرياض وإفساح المجال للتسلّف الديني هو سبيل التصدي للمؤامرة -المؤامرة ممن؟!-.
المهم، أن ثمّة شيئاً آخر، كان يستحق الوقوف عنده في الخطاب ولفت النظر إليه، وهو الاتزان الذي تميّز به عند تناول مفهوم الثورة، فهو، مثلاً، لم يحاول إلصاق صفات مثل: (الطائفية والرجعيّة والعمالة للخارج ومعاداة مصالح الطبقات الشعبية..) بـ«حراكات» تزعم «الثورية» في الأعوام الأخيرة، منذ «ملوّنات» أوروبا الشرقية وآسيا، ليشيطن مفهوم (الثورة) ككل، ويغتاله. لم يفعل ذلك، رغم أن قطاعاً من الجمهور المُتلقّي كان على استعداد لقبوله والتعاطي معه، لكنّه، لم ينزلق، فيما انزلق نحوه إعلام رجال الأعمال في أقطار عربية أخرى في السنوات الأربع الأخيرة، حين انتهز فرصة خصومة الشارع مع «نخب» و«مآلات» -وليس جوهراً- مثل ما جرى بمصر وتونس بـ 2010/2011، لينسف أفكاراً كـ: (الشعب، الثورة، مطالب الفقراء، الحق في الاحتجاج، وإيجابية فعل مناهضة الجمود والركود في تغيير الواقع ودفعه للتطور ونحو الأمام..) من الوجود أصلاً!.
ما جاء في الخطاب كان كالآتي: «.. الكثير من الوطنيين في سورية نفر من مصطلح الثورة فقط لأنها استخدمت من قبل هؤلاء. لا، الثورة هي مصطلحنا ونحن ما زلنا نفتخر بهذا المصطلح.. وإذا كان أُطلق أو أُصبغت عليهم صفة الثوار فلا يعني أنهم ثوار، الاسم لا يغير من حقيقة الإنسان، كم من شخص اسمه الأول هو على اسم أحد الأنبياء.. ولكن ليس فيه شيء من الإيمان، الشيء نفسه بالنسبة لهم، أن يكون اسمهم ثواراً لا يعني أنهم كذلك، ونحن نقول لهم الآن إن الثوار الحقيقيين هم النخبة الوطنية، هم النخبة الإنسانية، هم النخبة الأخلاقية».
حتى عند الإشادة بجهود الجيش العربي السوري في مواجهة المؤامرة وصف الرئيس الأسد هذه الجهود بالفعل الثوري إذ قال: « الحقيقة هي أن الثورة لم تفشل وإنما كانت نموذجاً في النجاح ونحن نفتخر بها، ولا أقصد ثورتهم وإنما أقصد ثورة الجيش على الإرهابيين وثورة الشعب على العملاء والخونة».
نؤكد هنا، بالمناسبة، أن دمشق تثوّر فعلاً باتجاه مصالح الناس الحقيقيّة، وهو مشروع ضخم ينطلق بداية من التمسّك بالسيادة الاقتصادية والقطع مع أجندات البنك والصندوق الدوليين.
ويدفع نحو توجيه الموارد لخدمة الداخل بعدالة، وتوجيه عمليتي الإنتاج والاستهلاك، ويتم بحث هموم الناس الاقتصاديّة فيتم علاجها، وتمتد الثورة الحقيقية التي قضت على المتطرفين و«الدواعش» المدعومين غربياً، إلى ثورة، تبحث عن مواطن الفساد وتهشّمها، وتتكثف المساعي نحو مشروع مواطنة وحداثة أكثر جذرية، وتتم هندسة إصلاح سياسي صادق وبإشراك النخب الوطنية فيه وتوسيع مساحة المشاركة الشعبية في الحكم.
كاتب من مصر

The post خطاب الرئيـس الأسد رد على من يريد توظيف الانتصار على المؤامرة لإعادة إنتاج أهدافهـا appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the خطاب الرئيـس الأسد رد على من يريد توظيف الانتصار على المؤامرة لإعادة إنتاج أهدافهـا on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.