حاولت روسيا الاتحادية وما زالت تحاول أن تحافظ على شعرة معاوية التي تربطها بأمريكا في مجال محاربة الإرهاب, لكن الاستراتيجية الأمريكية في «محاربة داعش» تضع العقل بالكف, وخاصة أن المعدات العسكرية الأمريكية والمسلحين المدعومين منها يصولون ويجولون في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي في سورية من دون أي اشتباك وفق ما أظهرته وسائل الرصد الروسية.. مع تجاهل الإدارة الأمريكية ما طلبته روسيا بتقديم تفسير لذلك.. وهذا ما دفع الخارجية الروسية للقول إن استراتيجية أمريكا في «محاربة داعش» غير مجدية, يضاف إلى ذلك الأخطاء المزمنة وفق التوصيف الروسي, غارات ما يسمى «التحالف» التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين الأبرياء ودمّرت المئات من الجسور والبنى التحتية إضافة إلى استهداف الطائرات الأمريكية للقوات السورية مرات عديدة لعرقلة مواجهاتها مع «داعش» والقوى الإرهابية الأخرى.
لقد عمدت أمريكا إلى التمسك باستراتيجية «الأخطاء المتعمدة» لتغطية دعمها للإرهاب الذي صنعته ودعمته وسخرت ممالك ومشيخات الخليج لتقديم مليارات الدولارات لأصحاب الفكر الظلامي الإرهابي, و«توجت» السعودية كراع للتنظيمات الإرهابية التي تم تكليفها بتقويض الدول الوطنية, وجعلت النظام السعودي شريكاً استراتيجياً في تنفيذ مخططاتها المشبوهة.. ترحيب أمريكي, وترحيب للأمم المتحدة بأمر ملكي سعودي يسمح للمرأة بقيادة السيارة, وكأن هذا الأمر أحد أهم منجزات العصر!.
قبل أكثر من قرن من الزمن يسمح للمرأة بقيادة السيارة في جميع دول العالم عدا السعودية.. وهذا الأمر لا يعكس تخلف المرأة بقدر ما يعكس تخلف النظام السعودي.. مع الإشارة إلى أن القرار الملكي لن يتم تنفيذه إلا في شهر حزيران من العام القادم, فيما «تكرّم» النظام السعودي المتخلف بالسماح بدخول المرأة مع «مُحرم» إلى الملاعب الرياضية للاحتفال بـ«اليوم الوطني» قبل أيام..
المرأة التي دخلت البرلمان, وحكمت الدول, وغزت الفضاء منذ عقود, لم يصفق لها العالم كما صفقت الإدارة الأمريكية للقرار السعودي الذي صدر بعد فوات الأوان, مع أن تنفيذ القرار ما زال يصطدم بموقف رافض من «مؤسسات الإفتاء» في السعودية التي تحرّم حتى الآن ممارسة هذا الحق المشروع للمرأة, كما تحرّم الانتخابات والديمقراطية والمساواة والتوزيع العادل للثروة بين المواطنين في السعودية تنفيذاً لما تريده الأسرة الحاكمة, ما يدعو للقول: إن أمريكا لا ترتكب «الأخطاء» في استراتيجياتها بل تبني تلك الاستراتيجيات على «الأخطاء» المتعمدة وعلى النفاق وعلى ذر الرماد في العيون لإخفاء تحالفاتها المشبوهة مع الإرهاب التكفيري والأنظمة المعادية للديمقراطية والتقدّم.. وهذا ما عبّرت عنه الخارجية الروسية بلغة دبلوماسية من دون أن تتخلى عن محاربة الإرهاب بالتنسيق والتعاون مع حلفائها السوريين والإيرانيين حتى اجتثاث آخر إرهابي من سورية ومن المنطقة.. شاء من شاء, وأبى من أبى.
The post وجهة نظر.. الأخطاء الأمريكية المزمنة والتحالف مع التخلّف! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.