مع بداية كل شتاء أو صيف تبدأ الأسر من مستوى متوسط الحال وما دون القيام بالأعمال المخصصة لهذه الفترة، توضيب أدوات الصيف، ونبش معدات الشتاء من الأماكن التي «قبرت» فيها.
الثياب ذاتها في الأماكن ذاتها المخصصة لها، وفي كل فصل… ولأن الزمن يمضي مع سنوات الحرب من دون أن نشعر به، تعتقد أن هذا العمل قمت به في الأمس القريب.
خلال أوقات العمل المملة والمتعبة هذه تتدافع الصور والأسئلة…أنا شخصياً لا يفارقني هذا السؤال: ماذا يفعل الأغنياء بثيابهم، هل يحتفظون بها أم يرمونها أم يتبرعون بها؟
قد تكون هناك أماكن مخصصة لحفظ كل نوع على حدة، لا أدري كيف يتعاملون مع حاجات كل فصل، لكن بالتأكيد لا تدفن في صناديق الأسرّة -إن وجدت- وربما لا تتكرر قطع الألبسة ومعدات كل فصل، ولا يحتفظون بها لعقود كما نفعل نحن «المعترين»، ولاسيما الأدوات التي ترك الزمن بصماته الواضحة عليها كما فعل بأصحابها.
يقول الخبراء: إن من آثار الفقر وانخفاض الدخل قتل الإبداع بالنسبة لعالم الصناعيين والعاملين في الصناعة، لأن جلّ اهتمامهم ينصبّ على تصنيع الأرخص كي يتمكنوا من تسويقه للشريحة الأوسع من أصحاب الدخول المنخفضة، ولكن نود استئذان الخبراء بإضافة نتائج أخرى استخلصها أصحاب الحياة على قد الحال من يومياتهم العملية وهي نتائج لا تقل قوة ومصداقية عن مثيلاتها من النظريات العلمية:
الخلاصة هي أن الحياة مع الدخل المنخفض تسبب الملل.. ملل يرتفع إلى درجات قد تصبح قاتلة، وملل روتيني يحوّل حتى المشاعر من المصائب والفجائع إلى تبلّد كما يحدث منذ سبع سنوات..
مثلاً ترتفع وتيرة المشاعر المصاحبة لأحداث الموت اليومية مع بعض الضربات الموجعة، خلالها تنشط شبكات التواصل الاجتماعي بنشر قصص من النوع الذي يرفع منسوب الحزن، ثم لا يلبث أن يعود إلى مستواه المعتاد..
من أحدث القصص التي شغلت حيزاً كبيراً من شريط الأحداث اليومية الروتينية أيضاً صورة الشابين العروسين اللذين أمضيا معاً أسبوعاً واحداً ثم عاد إليها الزوج والحبيب والعريس بعد اليوم الأول لالتحاقه بعمله شهيداً.
ليست القصة استثنائية فهي ضمن إيقاع الروتين اليومي وكل ما تستطيع فعله هذه الأسر هو الدعاء بأن يكون دورها الذهاب إلى صالات التعزية وليس استقبال المعزّين.
The post نافذة للمحرر.. باهتة.. ومملّة appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.