ثورة أون لاين:
لا شك أن ما تحقق من انتصارات للجيش السوري على فلول المرتزقة الإرهابيين كان له الأثر البعيد في إفشال المشروع الأميركي، الأمر الذي أثار حفيظة الولايات المتحدة وجعلها تعبر عن رعونة بدت واضحة فيما توجهه من إنذارات متوالية إلى دمشق،
وتستشيط غضباً عندما تصمم الحكومة السورية على استعادة كل شبر فقدته من أرضها واستحوذت عليه المجموعات المسلحة في الجنوب السوري.
لقد أصبح الجميع على معرفة ودراية تامتين بأن جلَّ المتمردين الذين يناهضون الدولة السورية هم عبارة عن عناصر من داعش أو مرتبطة به أو تدين بالولاء والانتماء إلى القاعدة، لذلك فإن ما تعلنه الولايات المتحدة في الوقت الراهن قد بدا للعيان بأنه يتناقض بشكل تام عما سبق وأن أعلنته وصرحت به من أهداف لها إبان إرسال قواتها إلى سورية الأمر الذي يرسم علامات استفهام كبرى على هذا الواقع.
ليس ثمة خلاف على مدى انتفاء مشروعية الوجود العسكري الأميركي في سورية ذلك لأن القاصي والداني يعلم بأنه أمر غير قانوني ويفتقر إلى أبسط القواعد التي ينص عليها القانون الدولي، وينظر إليه باعتباره أمراً يخالف الدستور وكل القواعد الناظمة في التعامل الدولي.
وعلى الرغم من ذلك، نجد إدارة الرئيس باراك أوباما تضرب صفحاً عن تلك القواعد وتعمد إلى إرسال مجموعات من قوات العمليات الخاصة إلى الشمال السوري بذريعة تقديم المساندة والدعم لوحدات حماية الشعب الكردية التي تحارب داعش. لكنه وعلى الرغم من أنه في الوقت الراهن هزمت داعش وأخرجت من مساحات شاسعة على نحو كبير، بيد أن القوات الأميركية ما زالت مرابطة بالمنطقة حيث ذُكر بأن عدد تلك القوات وصل إلى نحو 2000 جندي بالإضافة إلى شائعات تدور حول انتشار آلاف المرتزقة.
سعى محامو أوباما لشرعنة الوجود الأميركي في سورية متذرعين أن الهدف من وجود تلك القوات يقوم على الدفاع عن النفس عبر إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش الذي يحوك الخطط والمؤامرات لتنفيذ هجمات ضد مواطني الولايات المتحدة الأميركية.
ويبدو أن التفويض الدستوري الذي تعتمد عليه القوات العسكرية الأميركية في وجودها بسورية قد اتخذ منذ وقت طويل، فهذا التوكيل أعطي بهدف ملاحقة الأشخاص المسؤولين عن أحداث 11 أيلول عام 2001، أما تنظيم داعش فقد جرى تأسيسه في عام 2012 ومن غير المرجح أن يكون ثمة روابط فعلية بين هذا التنظيم والأعضاء المتورطين بأحداث 11 أيلول.
إزاء ذلك فقد توضحت الصورة وبرز المشهد بشكل أكثر دقة وتفصيلاً، فالولايات المتحدة بذلت مساعيها لخلق جيب كردي في مساحات شاسعة شرق وشمال شرق سورية على الرغم من التعداد السكاني المحدود والضعيف للأكراد في هذا البلد وهي في ذلك تهدف إلى إيجاد موطئ قدم لها فيه.
ظاهرياً، فإن القوات الخاصة والقوى الجوية الأميركية تسعى في الوقت الراهن لحماية الأراضي التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية والتي في واقع الأمر تقطنها أغلبية عربية، ونتيجة لذلك فإنها أصبحت في الموقع الذي تحارب به القوات الحكومية السورية فضلاً عن كتيبة روسية صغيرة تقف إلى جانب القوات السورية.
ويبقى السؤال كيف ستقاوم القوات الحكومية السورية قوات الولايات المتحدة الزاحفة لتحقيق مآربها ولا سيما أن الأخيرة وجدت ضالتها في التعاون مع بعض الأكراد في المنطقة؟
يعتقد الكثير من المراقبين بأن الولايات المتحدة تسعى للتدخل لصالح الإسرائيليين الذين احتلوا جزءاً من مرتفعات الجولان ويسعون للضم الدائم الذي تدور بعض الأقوال حول احتمالات استعداد الولايات المتحدة للاعتراف به، ولا شك أن الحكومة الإسرائيلية لا ترغب بوجود قوات الجيش السوري في الجنوب على مقربة من قواتها، لكن المخاوف والخشية تنتابها بصورة أكبر جراء وجود القوات الرديفة والحليفة للجيش السوري على الحدود الإسرائيلية خاصة في الجانب السوري للجولان الذي تنتشر به مجموعة (تعرف باسم جبهة النصرة) والتي ترتبط بروابط وثيقة مع تنظيم القاعدة.
مما تقدم ذكره يتضح بشكل قاطع أن هدف الإدارة الأميركية من الوجود العسكري في سورية لم يكن أبداً للدفاع عن النفس كما تدعي به، وقد برز ذلك جلياً من خلال الحماية والرعاية التي تقدمها الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل لمقاتلي تنظيم القاعدة.
في نهاية المطاف، يعلم الجميع بأن كل ما تقوم به الولايات المتحدة لتبرير تعدياتها على الأرض السورية يفتقر للمصداقية ذلك الأمر الذي ستكتشفه واشنطن بشكل متأخر ولن تجني من ورائه إلا الخزي على غرار ما حلَّ بها في حربها الظالمة التي خاضتها في فيتنام.
Posted from Thawraonline.sy
Note: Only a member of this blog may post a comment.