هل تستطيع «الفراشة» الأوروبية مغادرة «الشرنقة» الأمريكية؟

تعيش أوروبا تداعيات التبعية العمياء للسيد الأميركي، أهمها المشروعات الاستعمارية التي سببت لها قبل غيرها الكثير من الأزمات والكوارث. وتفاقمت الأزمات الاقتصادية والمالية، لتؤثر سلباً وبشكل كبير على المجتمعات الغربية، فسعت بروكسل بخطوات جدية لتشكيل مجموعة دفاع أوروبية جديدة لتغيير البيئة الأمنية الأوروبية، ومحاولتها تهيئة الظروف لإرساء الاستقرار، ومعالجة المشكلات التي تعاني منها باستمرار.
في هذا السياق تحدث تقرير نشره موقع مجلة «استراتيجيك كالتشر فاونديشن» عن قيام مسؤولي الدفاع عن تسع دول أوروبية بإنشاء قوة جديدة تحت اسم مبادرة التدخل الأوروبية بقيادة فرنسا، بعد الاتفاق على تشكيل ميزانية مشتركة وعقيدة موحدة للمبادئ التوجيهية والتخطيط المشترك لحالات الطوارئ التي لن يشارك فيها الحلف الأطلسي، وضمت المجموعة كلاً من المملكة المتحدة وألمانيا والدانمارك وهولندا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال وأستونيا، وقد تنضم إيطاليا قريباً، ولم ترتبط مبادرة الدفاع الجديدة بمعايير حلف شمال الأطلسي «ناتو»، ولا باتفاقية «بيسكو» التي عرفت كإطار وعملية قائمة على المعاهدات لتعميق التعاون الدفاعي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الراغبة بذلك.
وأشار التقرير إلى مهمة المبادرة الأوروبية بالاستجابة السريعة للأزمات التي تهدد الأمن الأوروبي، لتتم كل العمليات بشكل مستقل بعيداً عن السيطرة الأميركية. وستكون القوة الجديدة أكثر فاعلية من أي قوة أخرى داخل الاتحاد، ترافقه عملية مبسطة لصنع القرار تسمح برد فعل سريع.
واللافت هو بقاء المملكة المتحدة عضواً في المبادرة الجديدة على الرغم من مغادرتها الاتحاد خلال العام المقبل، رغم أنها عارضت سابقاً فكرة إنشاء تحالف دفاعي أوروبي، خشية تقويض الوحدة عبر الأطلسي. وستعمل المنظومة الجديدة على جذب وتوحيد جميع الدول الأوروبية بغض النظر عن عضوية الاتحاد أو الحلف الأطلسي، وممن لم يشاركوا سابقاً في اتفاقية «بيسكو» كالدانمارك مثلاً، وتعتبر هذه القوة خطوة على طريق إنشاء قوة مسلحة أوروبية حقيقية.
ولفت التقرير إلى تأثيرات تشكيل تحالفات كهذه على الحلف الأطلسي, والذي سيمنح بالوقت نفسه فرصة التركيز الإقليمي والمحلي دون التشتيت لمناطق بعيدة المصالح. فتعتبر أفغانستان مسرح عمليات للحلف الأطلسي، خاصة أميركا، والتي تمثل أزمة خارج المنطقة الرئيسية للحلف. ومشاركة أوروبا بالعمليات هناك وفي العراق أيضاً إرضاء لواشنطن، أما التهديد الحقيقي يتمثل بأزمة المهاجرين من بعض مناطق شمال إفريقيا، فيجبر الحلف الأطلسي الأوروبيين بالتركيز على ما يسمى «التهديد الروسي» غير الموجود أصلاً.
لذلك لا يمكن لأوروبا حماية نفسها بمفردها، مقابل الحاجة الملحة لقوة حدودية مشتركة لمنع الهجرة غير الشرعية. فالحروب الأميركية ما هي إلا سبب لأزمات أوروبا. وتمثل الخطوات الدبلوماسية الأوروبية بالتنسيق مع روسيا تجاه حل الملف الإيراني وإيجاد تسوية في ليبيا، أحد المرتكزات في خروج أوروبا عن المسار الأميركي.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the هل تستطيع «الفراشة» الأوروبية مغادرة «الشرنقة» الأمريكية؟ on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.