في مقدرةٍ معهودةٍ على تحصيل الميزات من «تم السبع» كما يقال، استطاع أهل التجارة ولو بعد جهدٍ جهيد، بحكم محظورات سياسة الترشيد، تسجيل نقاط مهمة مؤخراً، عبر تمديد مدة إجازة الاستيراد عاماً كاملاً، وتوسيع قائمة المستوردات لتضاف لاحقاً سلع جديدة بالتدريج بما فيها الكمالية، بداعي قطع دابر المهربين وتزويد السوق بحاجته بطرق نظامية، وهذه نقطة لا يختلف عليها اثنان، وخاصة أنها تعد خطوة في طريق تصحيح مسار التجارة الخارجية عبر تقليل القيود على تجارٍ كبّلهم الحصار الاقتصادي من دون منعهم من مواصلة نشاطهم التجاري، لكن المختَلف عليه، مدى انعكاس التسهيلات الجديدة على انخفاض الأسعار بشكل يمنع المواطن من شراء المهربات، التي إن بقيت على انتعاشها، ستكون «غزوة زيد» بلا نتائج فعلية إلا على تجارها فقط.
امتلاك قطاع الأعمال وغيره من الشرائح الاجتماعية الوازنة اتحادات فاعلة تدافع عن حقوق منتسبيها أمام المعنيين يعد أمراً جيداً لانتزاع قرارات تخدم مصالحهم، وقد لا يستغرب إصدار أخرى على مقاس رجال أعمال محددين لاعتبارات عديدة، وهذا أيضاً مثار خلاف وانتقاد، لكنه قائم بحكم قوة المال والسلطة، وهنا لن نطالب بفتح هذا الملف الحساس وتسليط الضوء عليه -وإن كان ذلك مطلباً محقاً- خاصة أن الفترة القادمة تستلزم تعاطياً مختلفاً لبناء اقتصاد قوي مستقبلاً، وإنما المطلوب إيجاد اتحادات فاعلة تعنى بهموم المواطن ليكون صوته مسموعاً كأهل التجارة والصناعة، بعيداً عن تلك الشعارات الإعلامية، التي تعده بوصلة أي عمل عام وخاص، لتكون في وادٍ والأفعال في وادٍ آخر، أمرٌ سيستمر في ظل بقاء النقابات المهنية تغط في نوم عميق، بدليل أن المشاكل تتكرر ذاتها في اجتماعاتها السنوية من دون نيل شرف تحقيق مطالب نوعية إلا ما ندر وبشق الأنفس.
تحسين الوضع المعيشي أقله زيادة الرواتب، كان سيأخذ مساره إلى التنفيذ منذ فترة في حال وجود اتحادات ضاغطة على الحكومة، التي يطيب لمسؤوليها حالة الوهن والضعف المستشري في جسد هذه الاتحادات منذ سنوات مع إنها تمتلك كل عوامل القوة، فما الذي يمنعها أن تكون فاعلة ومؤثرة كاتحادات كأهل المال، بحيث تقدر على فرض كلمتها بثقة انطلاقاً من أحقية ومشروعية منتسبيها، وليس بقاءها تدور في فلك مصالح أعضائها فقط، ما يستوجب إعادة النظر في هيكلتها مع تربع أشخاص جدد على كراسي مسؤوليتها لعلهم يظفرون بتحصيل ميزات تبعد شبح التقشف عن الطبقات الفقيرة والعيش في بحبوحة معيشية بالتدريج، بدل صرف المجهود كله في بازار بيع السمك في ماء بات ينضب بانتظار فعل جدي ينعش الجيوب!
rihabalebrahim@yahoo.com
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.