لم يكن ينقص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سوى فضيحة مساعده ألكسندر بينالا الذي رصدته عدسات الكاميرات وهو يعتدي على متظاهرين في باريس, حتى تتراجع شعبيته إلى أدنى مستوى منذ توليه الرئاسة ليسجّل رقماً قياسياً سلبياً جديداً لم يسبقه إليه أي رئيس فرنسي.
الجميع متفق على أن قضية بينالا هي أعنف أزمة يمر بها ماكرون بوصفها أول فضيحة تزعزع ولايته وتكشف كل يوم تدريجياً إخلالات صارخة في أعلى هرم السلطة التنفيذية في فرنسا، ذلك أنها كشفت تجاوز أحد أعوان ماكرون للقانون ومساعدة الإدارة له في الإفلات من العقاب. أزمة تصر الأغلبية على تسميتها بفضيحة «ووتر بينالا» فيما تسميها المعارضة بقضية ماكرون بوصفه المسؤول الأول عن هذه الفضيحة السياسية التي هزت المجتمع الفرنسي ودفعت المعارضة إلى تقديم مذكرتين لحجب الثقة عن حكومة إدوارد فليب ولكنهما فشلتا بسبب هيمنة الأغلبية على مقاعد البرلمان الفرنسي.
فشل التصويت لم يفاجئ المعارضة كما لم يخيب آمالها, خاصة بعد إعلانها أن الهدف ليس إسقاط الحكومة بل توريطها أمام الرأي العام وإرغامها على تبرير نفسها والتنديد بتعتيم جلاء الحقيقة حول قضية بينالا ومساعدته على الإفلات من العقاب.
ناهيك عن أن المذكرتين اللتين قدمهما اليسار واليمين في حدث استثنائي منذ عام 1980 أعطى فرصة لمعارضين من الطرفين لإعادة ترتيب صفوفهم بعدما ضعضعهم فوز ماكرون بالرئاسة. كما أنه منح المعارضة متنفساً كبيراً عادت من خلاله لإسماع صوتها والتأثير على الرأي العام الفرنسي وإرغام ماكرون على الخروج عن صمته والظهور بمظهر العاجز ما دفعه إلى كيل الاتهامات لوسائل الإعلام التي فجرت القضية واتهامها بقول الكثير من الحماقات حيال قضية ليست – بحسب ماكرون- سوى زوبعة في فنجان.
إلا أنها على أرض الواقع زوبعة سياسية وسم بطيء سيعاني منه ماكرون منه طوال ولايته ليعيق إعادة انتخابه لولاية ثانية. وعليه فإن ماكرون بعد فضيحة «ووتر بينالا» لن يكون كما قبلها خاصة بعد أن خسر الكثير مما تبقى له من مصداقية عند بعض شرائح الفرنسيين, وقريباً جداً سيجد نفسه مرغماً على اتخاذ إجراءات تعديل حكومي في وقت لم يختره, والتضحية بشخصيات حكومية كان يريد إبقاءها إلى جانبه لو لم تندلع شرارة فضيحة بينالا.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.