منذ الساعات الأولى لكسر الطوق عن مدينة دير الزور في أوائل أيلول من العام الماضي بدأت الجهات الحكومية المعنية بالتعاون مع الفعاليات الأهلية والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية بالعمل على إعادة الحياة للمدينة وريفها بعد سنوات عجاف من إرهاب حاول قتل الحياة ومصادرتها فتكاتفت الجهود ودارت عجلة الإنتاج وسط ترحيب وفرحة من أهالي المحافظة الذين تقاطروا جماعات وفرادى حاضنين ذكريات أيام عمّها الأمن والأمان، وفي عيونهم تصميم على المضي قدماً إلى الحياة الكريمة والعمل والإنتاج.
اللجنة الوزارية المشكلة لتنفيذ المشروعات التنموية والخدمية وإعادة تأهيل البنى التحتية والأبنية الحكومية والمرافق الأساسية بدير الزور تابعت أعمالها ووقفت على المراحل التي تم تنفيذها بالتعاون مع الجهات المعنية في المحافظة لتأمين خدمات أساسية من كهرباء وماء ومواصلات واتصالات وتجارة، وإقلاع عدد من الورشات وتأمين المحروقات وغيرها الكثير من الخدمات التي كان لها الأثر الكبير في زيادة وتيرة عودة الأهالي إلى قراهم ومناطقهم بعد سنوات من التهجير عنها هرباً من اعتداءات الإرهابيين.
من أول القطاعات التي انطلق العمل بها بعد إعادة الجيش العربي السوري الأمن لمعظم ريف المحافظة وتأمين آلاف الكيلومترات من الطرق البرية الرئيسية التي تصلها بالمحافظات الأخرى هو قطاع النقل العام والخاص وذلك تحت رغبة أهالي دير الزور بالعودة إلى منازلهم في الأحياء المحررة من المدينة والريف الممتد بالجهات الأربع.
وبلغة الأرقام فإن عدد المواطنين الذين عادوا إلى منازلهم في محافظة دير الزور منذ بداية العام الحالي ولغاية الآن بلغ 489531 توزعوا بواقع 4438 في الأحياء المحررة بمدينة دير الزور و481437 في الريف الشرقي، بينما شهد الريفان الغربي والشمالي عودة مئات العائلات ليبلغ عدد سكان المحافظة المقيمين فيها 1037037 نسمة حسب آخر إحصائية حصلت عليها «سانا» من محافظة دير الزور.
عودة الأهالي المتسارعة ساهم في زيادتها تعزيز الأمن والاستقرار في بلداتهم حيث قامت وحدات الجيش والجهات المختصة بتمشيط المدن والبلدات والقرى لرفع مخلفات الإرهابيين حفاظاً على حياة المدنيين إضافة إلى تفعيل عمل الوحدات الشرطية والشؤون المدنية والهجرة والجوازات والمصارف والبريد ووحدات الإطفاء ومجالس المدن والبلديات بالتوازي مع انطلاق ورش إعادة الإعمار بإزالة الأنقاض وفتح الشوارع واستبدال خطوط وصيانة شبكة الصرف الصحي وتأهيل الدوارات والمنصفات الطرقية والحدائق وتركيب مجموعات الإضاءة بالطاقة الشمسية.
وكان لتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لعمل مختلف القطاعات الخدمية والاستهلاك المنزلي والتجاري دور بارز في تشجيع المهجرين على العودة إلى منازلهم حيث بين مدير كهرباء دير الزور المهندس خالد لطفي أنه تمت تغذية 99 بالمئة من الأحياء المأهولة في مدينة دير الزور وصولاً إلى قرية الجفرة عبر خط التوتر 400 ك.ف القادم من محطة جندر لتوليد الطاقة الكهربائية والذي يمر بتدمر وصولاً إلى محطة «التيم» بعد تركيب 153 مركز تحويل عام و46 مركز تحويل خاص وكذلك تم تأهيل محطة الطلائع 7 مخارج 20 ك.ف ومحطة «الإذاعة» 2 مخرج 20 ك.ف في حين يتم العمل حالياً لتجهيز خط التوتر 20 ك.ف على اتجاهي الخط الغربي وشرق النهر كما قامت الورش بتأهيل المجموعة الغازية الأولى في محطة تحويل «التيم» وإدخالها الخدمة باستطاعة 30 ميغا.
وفي الإطار ذاته لفت مدير فرع شركة المحروقات وسيم جعيلة إلى أنه تم تزويد المحافظة بالمحروقات بكميات كافية حيث وصل عدد المحطات المفتتحة إلى 12 وتنتشر على امتداد ساحة المحافظة بواقع 5 محطات في مدينة دير الزور واثنتين في الريف الغربي و3 في الشرقي ومحطتين في الشمالي كما تم تزويد المحافظة بمحطتين متنقلتين وهما صهريجا وقود لتغطية احتياجات المناطق صعبة الوصول والتي لا تخدمها المحطات السابقة في حين تمت صيانة وتشغيل خطي تعبئة أسطوانات الغاز المنزلي بطاقة تصل إلى 1200 أسطوانة في الساعة للخط الأول و600 أسطوانة للخط الثاني واستجرار 2833 طناً من الغاز المنزلي.
ومن خلال تكامل عمل القطاعات انعكس تأمين مصادر الطاقة بالكمية الكافية مباشرة على قطاع المياه فشهد تحسناً ملحوظاً حيث يذكر مدير مؤسسة المياه المهندس معاذ العلوشان في هذا الجانب أن عدد محطات المياه التي دخلت الخدمة بلغ 22 محطة 6 منها في المدينة ومثلها في كل من الريفين الشرقي والشمالي و4 في الريف الغربي وذلك لتأمين مياه الشرب بالمواصفات الصحية وبالغزارة المناسبة للاستهلاك بما يتناسب وعدد السكان المحليين الذين يزداد عددهم باطراد نتيجة عودتهم إلى منازلهم بعد تطهير معظم المحافظة من الإرهاب.
وفي مجال تقديم الخدمات الصحية على المستويين الأفقي والعمودي بين مدير الصحة عبد نجم العبيد أنه تم افتتاح 26 مركزاً صحياً ونقطتين طبيتين إضافة لمجمع المشافي بمدينة دير الزور الذي يضم مشافي الأسد والفرات والأطفال والتوليد ورفد القطاع الصحي بالأجهزة والمستلزمات والأدوية وسيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة.
والطعام الذي كان عزيزاً من ندرته في ظل حصار خانق فرضه تنظيم «داعش» الإرهابي على عشرات الآلاف من أهالي مدينة دير الزور طوال ثلاث سنوات تقريباً توفر بعد أيام قليلة من فك الطوق عبر قوافل سيرتها «السورية للتجارة» فشهدت الأسعار هبوطاً حاداً وعادت لمستواها الطبيعي كما في أي محافظة إضافة إلى افتتاح 21 مخبزاً منها 4 للقطاع العام و17 للخاص تنتج الخبز بسعره الحكومي إضافة إلى انطلاق مطحنة الفرات بعملها لتزويد الأفران بالدقيق وهذا ما شكل عاملاً مهماً ومريحاً لدى الأهالي المحررين من حصار ظالم أذاقهم الموت والجوع والعطش.
ولزيادة تأمين المواد الغذائية والاستهلاكية بهدف سد النقص الذي حصل على مدار عدة سنوات اتخذت السورية للتجارة إجراءات عملية عبر الأشهر الماضية حيث أوضح مدير فرع السورية للتجارة المهندس ياسين الياسين أنه تم افتتاح 6 صالات بيع منها 5 في مدينة دير الزور وصالة في قرية مراط.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.