يبدو أن خيوطاً وثيقة تربط بين تحرير إدلب وبين إنهاء حالة الاستعصاء في تشكيل الحكومتين اللبنانية والعراقية وربما حالة التصعيد في ليبيا واليمن، ذلك لأن منظومة العدوان التي أشعلت هشيم «الربيع العربي» تحاول التمسك بتلك الخيوط قبل الاعتراف بهزيمة المشروع الذي تداعت أدواته واحدة تلو الأخرى، وإذا كان أردوغان قد امتنع عن تسليم مفاتيح «النصرة» في قمة طهران الأخيرة التي حضرها مع الرئيسين فلاديمير بوتين وحسن روحاني فإن اجتماع «سوتشي» الذي يجمعه مع الرئيس الروسي غداً قد يكون الفرصة الأخيرة لحفظ ما تبقى من ماء وجهه، ذلك لأن الروس ومعهم جميع دول العالم يدركون أن القوات التركية التي تتحرك بحرية مطلقة وبتعاون مريب مع «جبهة النصرة» على كامل المساحات التي يسيطرون عليها في إدلب وريفي حلب وحماة هي القوات ذاتها التي استجلبت الإرهابيين من جميع دول العالم وحشرتهم في سورية وسهلت تزويدهم بالمال والسلاح وبنت عليهم أوهام إعادة السلطنة التي تداعب خيال أردوغان، وبالتوازي مع ذلك نجد القوات الأمريكية تجري المناورات العسكرية مع الإرهابيين في التنف وتحرك خيوط ما تبقى من إرهابيي «داعش» في سورية والعراق وتنسق مع أذنابها في الإقليم لتعطيل الحياة السياسية والإجهاز على الحلول السياسية للأزمات والمشكلات في ليبيا واليمن والعراق ولبنان، وتأخير الانتهاء من الإرهاب وتجاوز الأزمة في سورية.
إن التهديدات المتصاعدة من واشنطن وباريس ولندن ودموع التماسيح المذروفة من أطراف دول العدوان على سورية لن تغير في المصير المحتوم الذي ينتظر الإرهاب في سورية وفي المنطقة، مع التأكيد على أن تسليم أردوغان لمفاتيح «النصرة» الصدئة في سوتشي «إن حصل» سيتبعه رمي مفاتيح الإرهاب وتقطع ما تبقى من خيوط التآمر في المنطقة تباعاً، وإلا فإن الخطط البديلة من قبل الدولة السورية وحلفائها جاهزة لإنهاء تلك الأوضاع الشاذة ليس للوجود الإرهابي في إدلب فقط وإنما لوجود جميع القوات الأجنبية التي دخلت من دون موافقة الدولة السورية بحجة «مكافحة الإرهاب».
لقد دفع الشعب السوري ومعه شعوب المنطقة أثماناً باهظة من دماء أبنائها ومن قوت أيامها في مواجهة هذا العدوان الذي شاركت فيه قوى الاستكبار العالمي وقوى الإرهاب الوهابي -«القاعدي» -التكفيري وآن لمنظومة العدوان أن تتخلى عن مفاتيحها المسمومة.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.