ما كانت فرنسا وألمانيا تلحان لأول مرة على عقد قمة بشأن سورية إلا بعد أن شعرتا بأن زمن تدخلهما العسكري في الحرب العدوانية على سورية قد انتهى وأنه لم يعد لهما من أمل في تغيير موازين القوى ميدانياً في ظل ما حققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه من انتصارات باهرة في دحر الإرهابيين وكسر مشاريع رعاتهم ومن هؤلاء الرعاة الأساسيين فرنسا التي تبنت دعم التنظيمات الإرهابية بلا حدود ورئيسها إيمانويل ماكرون لم يهرول إلى قمة اسطنبول إلا خوفاً من أن يفوته القطار ويخرج من «الكعكة السورية» بلا نصيب و«من المولد بلا حمص»، كما يقول المثل.
قمة اسطنبول الرباعية التي استغرقت أقل من ثلاث ساعات لم تحقق ما أراده المراهنون على الحصول على تغيير في الموقف الروسي أو بالأحرى لم يتمكنوا لا بالمناورة ولا بالمداورة من تحقيق مكاسب سياسية عجزوا عن تحقيقها عسكرياً، ولخّص الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي التوجه الروسي بعد انتهاء القمة الرباعية، قائلاً: السوريون وحدهم يقرّرون مستقبل بلدهم.. وإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب إجراء مؤقت.
ويأتي هذا ليؤكد أن التنسيق الذي جرى بين ماكرون وترامب قبل القمة والذي لم يكن بعيداً عنه أردوغان لإعادة عقارب الأزمة في سورية إلى المربع الأول فشل ولم تنجح محاولات القفز فوق الوقائع الميدانية التي أصبحت واضحة وضوح الشمس من أن الفصل الأخير من عمر الحرب العدوانية على سورية شارف على الانتهاء وأن ساعة الانتصار الحاسم على الإرهاب ورعاته تدق بقوة على امتداد الجغرافيا السورية.
أما ما يخص إدلب فإن القمة الرباعية لم تخرج قيد أنملة عما جاء في اتفاق سوتشي، بل باركته وشدّدت على الالتزام به، وما جاء في كلمة مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي يؤكد أن إدلب جزء غالٍ من سورية والدولة مصممة على بسط سيادتها عليها بالكامل عندما ترى ذلك مناسباً، وهذا حق يضمنه ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي مع إعطاء فرصة للعمل السياسي والدبلوماسي، مشدداً على أن الدولة السورية لن تسمح بأن تتحول إدلب إلى كهوف جديدة لتورا بورا وهذا الأمر محسوم.
حماس أردوغان لقمة اسطنبول الرباعية كان يخفي وراءه التعويل على الحصول على دعم فرنسي – ألماني يخص مخططاته ضد سورية، لأنه يحاول الضغط على روسيا للتخفيف من دعمها لسورية لكنه أخفق في ذلك وكان من أهم نتائج القمة الرباعية أن الجميع اضطروا لضبط ساعاتهم على ساعة موسكو.
tu.saqr@gmail.com
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.