بعد سقوط عصر القطب الواحد وبزوغ فجر أقطاب جديدة باتت لغة العقوبات هي اللغة الجديدة التي تخاطب بها الإدارات الأمريكية العالم، لكن هذا السلاح الأمريكي القديم الجديد يبدو سيرتد وبالاً على الاقتصاد الأمريكي.
اعتماد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفرط على العقوبات سوف يستهدف في نهاية المطاف قوة واقتصاد أمريكا، وتواجه حكومة ترامب حالياً الكثير من ردود الأفعال السياسية المختلفة بسبب قرارات الرئيس الأمريكي المتهورة، وأحدث ردود الأفعال على العقوبات الأمريكية جاءت من الأوروبيين فهم عازمون على العمل معاً خلال الأيام والأسابيع القادمة وذلك من أجل إيجاد نظام بنكي بديل للتعامل مع المصارف الإيرانية للتحايل على العقوبات الأمريكية ومن المرجّح أن تعارض كلُّ من الصين والهند وروسيا والعراق فرض عقوبات جديدة على الجانب الإيراني.
ولفترة طويلة، كان مسؤولو الحكومة الأمريكية يطلقون تصريحاتهم معربين بأن استراتيجياتهم، ستحقق نتائج جيدة في نهاية المطاف ولكن وبعد مرور عامين على وصول ترامب إلى البيت الأبيض، لم تتحقق أي نتائج ملموسة على أرض الواقع وعندما ضحك زعماء العالم في الأمم المتحدة على ترامب في شهر أيلول الماضي، لم تكن تلك الضحكة سوى علامة على إهانتهم لأساليبه المتهورة واعتماده على العقوبات والتعريفات الجمركية بدلاً من اعتماده على الاقتصاد والاستثمار والحوار وعلى الرغم من أن استخدام أمريكا لنظام العقوبات قد ازداد تدريجياً على مدى العقود الماضية، إلا أن ترامب وضع هذا النهج في صميم سياساته الخارجية وهنا يمكن القول: بأن الحكومة الأمريكية الحالية تستعين بأداة العقوبات للتأثير على الأحداث العالمية، ولمعاقبة الخصوم، والقضاء على التحديات التي تقف أمام الهيمنة الأمريكية.
ووفقاً لنتائج الاستبيان الذي قامت به شركة المحاماة «جيبسون دن» متعددة الجنسيات، فرضت حكومة ترامب خلال العام الماضي عقوبات على تسعمئة وأربعة وأربعين من الأفراد والمنظمات، ووفقاً لآدم سميث، أحد كبار المسؤولين عن العقوبات في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، فالعقوبات هي أفضل وسيلة لأشخاص مثل ترامب الذي أصبح رئيساً لأمريكا وهو لا يملك أي خبرة في المجال الحكومي ولا يملك أيضاً علاقات حقيقية مع أعضاء الكونغرس الأمريكي أو مع قادة العالم، والعقوبات سمحت له بإدارة البيت الأبيض وفقاً لطريقته الخاصة ولفت إلى أن الاهتمام المفرط بالعقوبات يُظهر تناقضاً كبيراً في السياسة الخارجية لترامب.
في وقتنا الحالي، يواجه قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران الكثير من التحديات والعقبات الخطرة وذلك بسبب تلك التهديدات التي أطلقها ترامب للحلفاء الذين لم ينسحبوا من ذلك الاتفاق النووي، وهنا يقول الدبلوماسيون الأوروبيون: إنهم مصممون على إنشاء قناة مستقلة عن الدولار لمواصلة تعاملاتهم المالية والتداول مع إيران وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الروسية والصينية لسنوات عديدة حاولت إقناع الدول الأوروبية بإنشاء قناة تجارية مستقلة عن الدولار الأمريكي ومستقلة عن أمريكا.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.