حلب جريحة، وجرحها عميق أمام صمت دولي على اعتداءات إرهابيين لم يردعهم «التزام» ضامنهم التركي باتفاق سوتشي لكبح جماحهم الإجرامي، والذي يبدو أنه تنصل من تنفيذ تعهداته ببنود الاتفاق، كضامن لهم و«رادع» لإرهابهم، وقبوله إن لم يكن بتوجيه منه، متابعة ممارساتها الإجرامية وفق المخططات المرسومة من قبل القوى المشغلة لهم، ونظام أردوغان أحد أهم أعمدتها، بآلية معينة وتوقيت دقيق ومكان محدد أو من دون لا فرق، لتوظيفها بما يحقق أهدافهم العدوانية.
اعتداءات الإرهابيين على أحياء سكنية آمنة في حلب بعشرات قذائف الهاون المحشوة بالكلور أصابت 107 مدنيين أغلبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ بحالات اختناق وتسمم شديدة الخطورة، ناهيك عن الأضرار التي ألحقتها بالممتلكات العامة والخاصة في منطقة استهدافهم الإجرامي الذي لم يحرك الضمير العالمي ولا منظماته الإنسانية والقانونية، ولا الدول الغربية التي كانت تذرف دموع التماسيح، ولا حتى المنظمة الأممية ولا قلقها أو إدانتها لهذه الجريمة أو ما يماثلها من الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية بحق الشعب السوري، فأين هي الآن من ممارسات الإرهابيين واعتداءاتهم بالغازات السامة المحرمة دولياً، ومن سهل لهم وصول المواد الكيميائية وأطلق لهم العنان لاستخدامها الهمجي؟.
ألا يطرح هذا الصمت الدولي الكثير من التساؤلات، تماماً مثل ما يحرض دوافع الاستغراب والاستهجان بشأن ردود أفعال بعض الدول على جريمة الاعتداء الإرهابي الكيميائي؟ لكن، إن تم البحث عن أسباب هذا الصمت الرهيب سنجد ما يبطل العجب، ولا أظن أن الأمر يحتاج إلى بحث لأنه واضح كوضوح الشمس، وأعتقد جازماً كغيري وهم كثر وأكثر مما يمكن تصوره، أن هذا دليل واضح وفاضح على عمق تورط الصامتين بشكل أو آخر في هذا الفعل الإجرامي المدان أخلاقياً وقانونياً !.
لم ولن ينتظر السوريون من أولئك الصامتين صمت القبور، أقوالاً ولا أفعالاً لأنهم عرفوهم جيداً، وخبروا أن أي فعل منهم سيزيد من جرحهم النازف نتيجة مواقفهم ودورهم وممارساتهم، فمن ينتظر شيئاً ممن تقوده أم الإرهاب العالمي كرهاً أو طوعاً كمن يستجير من الرمضاء بالنار!.
فليكف المتآمرون عن تماديهم وعبثهم بأمن السوريين واستقرارهم، بدعمهم لشذاذ الآفاق الذين سيقضّون مضاجعهم يوماً، ألم يفهموا بعد أن سورية لن تهزم ولن تتراجع أو تتنازل عن حقها في الدفاع عن شعبها والحفاظ على أراضيها وصون سيادتها واستقلال قرارها، وهي تطوي أحلك أيام الحرب الإرهابية وأشدها ألماً ومرارة.
صمت المجتمع الدولي عن ممارسات الإرهابيين وكيلاً وأصيلاً، لن يُحيد سورية قيد أنملة عن القيام بواجبها وإتمام دورها في محاربتهم ودحر مشروعاتهم التي قضت عليها بصمود شعبها وبسالة جيشها الأمين، وهي توثق كل يوم للتاريخ نصوصاً ورسائل مكتوبة ملأت خزائن المنظمة الأممية لتكون شاهدة على ما ارتكب بحقها وشعبها من فظائع الإرهاب وجرائمه لم يسجل التاريخ مثلاً لها في أكبر الحروب وأطولها وأشرسها، وعلى التخاذل الدولي المطبق إزاءها.
مواظبة سورية على توجيه الرسائل إلى الأمم المتحدة، لتحثها وتضعها والمجتمع الدولي في كل مرة لتحمّل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والشعب السوري كغيره من شعوب العالم يتطلع إلى قيام الأمم المتحدة ومنظماتها بالدور المنوط بها وفق ميثاقها، والاضطلاع بمسؤولياتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين، ولا يكلفها بأكثر مما يجب عليها فعله تبعاً لقوانينها وتعهداتها باتخاذ إجراءات فورية رادعة وعقابية ضد الدول والأنظمة الداعمة والممولة للإرهاب ومنعها من مواصلة تماديها وعبثها بأمن الدول ذات السيادة والأمن والسلم الدوليين وإلزامها بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.