يقول الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت: «لا شيء يحدث على سبيل المصادفة في عالم السياسة، وإذا حدث ذلك، فاعلم أنه مخطط له كي يظهر وكأن كل شيء قد حدث على سبيل المصادفة».
نسوق هذا عند الحديث عن معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، بين موسكو وواشنطن، وعزم الأخيرة على الانسحاب من المعاهدة، والرد الروسي الواضح والحازم في آن.
فقد أكدت موسكو استعدادها لأي تطور، وقالت: «إذا لم يرغب شخص ما بالتحدث مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فسيكون عليه أن يستمع إلى وزير الدفاع، سيرغي شويغو»،
فهل بعد هذا الوضوح من كلام بما يحمل من معنى.؟
السياسات الأمريكية، وكما تؤكد المؤشرات والدلائل، تقوم على الابتزاز، والأمثلة عديدة ليس فيما يتعلق بموضوع الصواريخ، وصولاً إلى ساحتنا السورية حيث أُجبرت واشنطن وأُرغمت، وليس عن طيب خاطر، على التسليم لروسيا بالمساهمة البنّاءة في إدارة الملف، لكنها لم ولن تنسحب من هذا الملف أو غيره، وستبقى عنصراً مشاغباً عندما تستطيع، وهي إلى الآن لم تنفض يدها من «كعكات» التسوية، مادام هناك أمل بالحصول على مقابل..
موسكو التي تدرك جيداً الأهداف والمرامي الأمريكية، كان ردها واضحاً فيما يتعلق بمعاهدة الصواريخ، حيث أعلن الرئيس فلاديمير بوتين، أن بلاده منفتحة على الحوار بشأن المعاهدة، لكن إذا قررت الولايات المتحدة الخروج من المعاهدة فإن هذا لن يبقى من دون إجابة.
قوة الرد الروسي وضعت واشنطن أمام خيارات مرة وصعبة، فإذا انسحبت من المعاهدة الدولية تكون قد وضعت نفسها في موقف معادٍ ليس لروسيا وحدها، بل للمجتمع الدولي، وعليها تالياً توقع الإجابة الروسية، وإذا لم تنسحب- بعد أن صعدت إلى أعلى الشجرة- يكون ترامب قد وضع نفسه في موقف ضعف أمام مؤيديه والديمقراطيين.
باختصار، ليس مصادفة القول إن معرفة العدو كسب نصف المعركة، موسكو تتقن ذلك جيداً، هذه حقيقة معاشة ومجربة، من لا يعرف طبيعة عدوه، خصوصاً كيفية تفكيره ومستوى هذا التفكير، لن يستطيع تحقيق النصر عليه، حتى لو امتلك كل مقومات النصر.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.