– لماذا الفن في زمن الإرهاب ؟!.
ترى الباحثة التونسية «د. أم الزين بنشيخة المسكيني»: أن الفن لا يصلح للترفيه، إنما هو دوماً بصدد اختراع قطعة من الكينونة، ومعنى ما لمقاومة الفراغ والتصحر، وتالياً فإن أي عمل فني هو وعد بمستقبل أجمل للبشرية، في الوقت ذاته الذي هو تحدٍّ لكلّ ما تأتي به السياسات المتجبرة من إفساد وحزن واكتئاب.
من هذا الأرق انطلقت «د. المسكيني» بمشروعها البحثي عن «الفن في زمن الإرهاب» لتؤكد أن مرض العدمية الذي ضرب إنسان هذا العصر، لم يكن مجرد حالة نفسية خاصة لا ترى من المستقبل سوى بقع السواد المسيطرة على المشهد العام، وإنما يتعلق الأمر بحالة أكثر عمومية أصابت إنسان العصر الحديث بشلل القحط, الذي مرده عائد لتفقير الخيال من المعنى الذي جرى تسطيحه منذ أن سقطت الثقافة والفن في ميدان التسليع وأضحت خاضعة لقانون السوق..
– الكتاب الصادر عن التشاركية: (دار الأمان- المغرب/ منشورات الاختلاف – الجزائر/ دار ضفاف – بيروت/ دار كلمة- تونس.) حمل ثلاثة محاور رئيسة، ومقدمة تتمحور جميعها تحت هدف البرهان على أن الفن هو ألد أعداء الإرهاب، ومعركة الفن معه هي ضرب من المقاومة لإيجاد أخلاقيات ولابتكار الحب المضاد لثقافة التسليع المتوحشة التي يتمترس خلفها الإرهاب بأشكاله كلها، أما الخاتمة فقد حملت لنا «قلق المستقبل» مع تساؤل محمّل على شجن الخوف من تحول المستقبل إلى عدمٍ، أو الإبقاء عليه كحالة من الاستعارات اللغوية المنهكة لا تحمل بذورها مقومات النهوض بالمجتمعات البشرية، وخاصة أن السؤال عن المستقبل يولد من نوعين من القلق: أولهما نابع مما يحدث في حاضر تسوده صفاقة بيع الموت لأبناء الحياة، وثانيهما هو آت من العلاقة المتوترة بين الحاضر والماضي الذي يستند إليه الإرهاب لتصفية حساباته مع المدنية التي باتت تلده من رحمها وتهدد إحداثياته في الوقت ذاته..
– الباحثة «د. المسكيني»، التي كتبت بأن الفن في زمن الإرهاب كما الحبّ في زمن الكوليرا، الحبّ الذي ينفتح على تشريح جثة، ثم يمر عبر لقاء جنائزي بين عاشق قديم وأرملة حزينة، لم تنسَ بأن تهدي كتابها إلى أطفال سورية، كذلك لم تنسَ بأن تؤكد بأن الحب هو آخر ما تبقى للإنسان كي يواجه به الإرهاب، ويعوض عن الخراب الذي أمامه بالفن، لأن الفن هو صورة من صور الحب، والفن هو ضرب من ضروب الحبّ..
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.