عدة أيام فاصلة في نهاية العام، من لحظة إعلان ترامب عزمه سحب قوات بلاده المعتدية من سورية – والمباشرة الفعلية بذلك، حيث أفرغت واشنطن أحد مستودعاتها العسكرية شمال شرق سورية للمرة الأولى – كانت كافية كي ترسم مشهداً في لحظة مخاض، ما كان ليرتسم ويتوضح بهذه الصورة لولا الصمود الأسطوري لسورية، وبناء على هذا الصمود يمكن النظر وقراءة كل التطورات التي تلت في سياق مترابط.
إعلان ترامب بخصوص سحب قواته، وإن بدا مفاجئاً للبعض، إلا أنه قد لا يكون كذلك بالنسبة لآخرين، فترامب كان تحدث عن هذا قبل أشهر قليلة، وعندها قامت الدنيا عليه، ما اضطره إلى التراجع، لكن هذا لم يلغ الفكرة نهائياً، بل باتت بانتظار اللحظة المناسبة كي تعود إلى الواجهة، وهذا ما حصل، ومن السذاجة النظر إلى هذه الخطوة على أنها نتاج مكالمة مع أردوغان وتعهد الأخير لترامب بـ«محاربة داعش»!
يمكن القول: هذا كله قد يكون تجليات لحظة مخاض تمرّ بها الأحداث المتعلقة بالأزمة في سورية، وقرب بداية مسار جديد في العام القادم يؤسس لحل سياسي بقيادة سورية مشفوعاً بدعم عربي وتأييد غربي وكل ما يحصل من تطورات هنا وهناك ما هو إلا في سياق ترتيب الأرضية المناسبة لتفعيل هذا المسار وإعطائه الديناميكية المطلوبة.
في السياق يمكن النظر إلى إعادة ترتيب البيت السعودي والإتيان بوجه من أوساط المال لقيادة الدبلوماسية، وفي السياق أيضاً، التحول في المشهد العربي الذي ظهر إلى العلن بعد ثماني سنوات من المقاطعة، حيث رفع العلم الإماراتي على السفارة الإماراتية في دمشق إيذاناً بعودة العلاقات الدبلوماسية بين أبو ظبي ودمشق كخطوة أولى، وقد سبق ذلك زيارة الرئيس السوداني وتأكيده مع الرئيس بشار الأسد على ضرورة إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي قائمة على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتشديد الرئيس البشير على اعتبار أن سورية دولة مواجهة وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية.
إنه الميدان السوري عندما يتكلم، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت السارة، فسورية تبقى سورية التي أسقطت في الماضي الأحلاف والمخططات واليوم على النهج نفسه مرفوعة الرأس أبية عربية مقاومة.
The post وجهة نظر.. إنها سورية appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.