أسبوع خلف آخر و«الربيع الفرنسي»- إن صح القول- يتضح أكثر ويراقبه العالم في حيرة، فالاحتجاجات على تقليص مصالح الشعب الفرنسي بفرض الضرائب وضرب عقده الاجتماعي بضرب المحتجين بغيرهم من الفرنسيين وبمؤسسات الدولة، تربك العالم وخاصة مع هذا التجاهل من قبل قصر الإليزيه للمطالب الشعبية، فالعالم يقف عاجزاً عن تفسير طريقة تعامل الجمهورية الخامسة مع المحتجين بهذه القسوة البدنية, كما المعنوية من خلال تسميتهم بـ«مثيري الشغب» وغيرها من الأسماء.
ما إن انطلق ما يسمى «الربيع العربي» إلا وكانت فرنسا من أول المنظرين والداعمين والمدافعين عن هذا «الربيع»، بمسميات كثيرة وتحت عناوين عديدة ولمتزعمي هذه الفورات والعصابات مقرات ومرجعية في فرنسا ومنظرٌ وحامٍ وكأن حرق مؤسسة رسمية في أي دول بالشرق بالعرف الفرنسي «ديمقراطية» وإيقاد نار الفتنة وشتم الرموز «حرية تعبير» وحمل السلاح بعشوائية من «حقوق الإنسان»، لكن في فرنسا فهو بالعكس.
وكما في فرنسا يوجد في بريطانيا وأغلب الدول الغربية، فالتظاهرات والمعارضة في بريطانيا ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا تلقى آذاناً مصغية وكأن جوهر الديمقراطية يقول «اذهب واحتج ونحن نعمل ما نريد»، بينما في دول الشرق الأوسط يقول الغرب ابدأ بالسلاح والحرق والقتل فهي من «حقوقك»!، فالفعل هنا في منطقتنا غيره هناك في أوروبا برأي الحكومات الغربية، رغم أنه قد يبدو بالشكل واحداً لكن هنا المطلوب هو الحرق والتدمير، بينما هناك هو تهديد لأمن المجتمع ويجب محاصرته!.
الغرب لديه من العيوب ما يهدد حكومات بالسقوط، لكنه بارع في تصدير أزماته وإثارة الغبار في دول العالم وحول قضايا ليست بحاجة لكل هذا التجييش الغربي، ومع هذه البراعة والمقارنة بين ما يطبقه الغرب على أرضه وما يحاول تطبيقه في دول كثيرة في العالم يظهر التناقض وازدواجية المعايير التي يعتمدها، يتبلور هذا التناقض في النفاق الذي نشهده من الغرب تجاه قضايا العالم وخاصة الداخلية منها ولاسيما في الشرق الأوسط.
ديمقراطية مزدوجة أو انحراف مقصود لها بدواعي الاستثمار السياسي والاقتصادي، هو ما تتبناه الجمهورية الخامسة تجاه العالم وليس المهم المبدأ وإنما المصالح التي تريدها العصبة الصغيرة الممسكة بالسياسة والاقتصاد الفرنسي.
The post عمى ديمقراطي appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.