انتقل العدوان السعودي على اليمن الذي يقف على مشارف عامه الخامس، من «نزهة قصيرة» كما أراده «تحالف» العدوان، إلى حرب مدمرة لم تترك آثارها على اليمنيين فقط -بدخولهم أسوأ أزمة إنسانية ومعايشتهم لأبشع جرائم العصر- بل جرت قوى العدوان نفسها إلى ورطة شوهت صورتها أكثر على المستوى العالمي، بفعل سجلها الأسود الذي يلقى بالمقابل صمتاً دولياً مطبقاً، لإنعاش اقتصاديات العديد من الدول عبر صفقات الأسلحة ولاسيما مع النظام السعودي.
«تحالف» العدوان يدرك فشله ويتستر عليه، ورغم أن السياسة لن تسعف اليمنيين، لكن الميدان كان وقعه مختلفاً أربك حسابات العدوان، لذلك كان لابد من مواصلة مسلسل المجازر عبر الغارات العدوانية كردّ فعل وتعويض عن الفشل، مثل المجزرة الأخيرة التي طالت منازل اليمنيين في كشر التابعة لحجة، ورغم بشاعة المشهد وسقوط ضحايا وشهداء، إلا أنها وسيلة العدوان للتعبير عن المراوحة في المكان رغم المساندة الأمريكية – الغربية «للتحالف».
لم تبقَ محافظة يمنية إلا طالتها غارات العدوان، إلا أن استهداف حجة يأتي بعد انتكاسة العدوان في تفجير الأوضاع فيها – معها العديد من المحافظات كعمران ودمار- من خلال شراء الولاءات القبلية واللجوء للإغراءات المالية بما يساعدها في تشكيل جبهة جديدة تحارب بها المقاومة اليمنية وتطوقها.
العدوان السعودي ساهم عن غير قصد في صقل خبرة القوى اليمنية الميدانية والعسكرية كما السياسية، وانتقلت إلى مرحلة التهديد والوعيد، وبينما يمعن العدوان في إجرامه هدد نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي، «التحالف» بخيارات قاسية ستغير مجرى المعركة وستنتقل لمناطق حساسة جداً وأكثر خطورة، لافتاً إلى أن هذه الخيارات مرتبطة بمرحلة مختلفة وبتصنيف مختلف تبدو فيه فرص السلام والتصالح ضئيلة، فيما توعد وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي قوى العدوان بقوله: هناك مفاجآت وقوة فاعلة سيتم استخدامها إذا ما استمرت قوى العدوان في غيها وتجبرها.
التوعد والتهديد اليمني ليس ضد قوى العدوان التي تحاول الالتفاف على اتفاق السويد بشأن مدينة الحديدة، بل هو تهديد يسري على الداعمين لقوى العدوان من أمريكا وبريطانيا، التي حملها رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي مسؤولية جريمة كشر وكل الجرائم، فبريطانيا عادت لتنشط بقوة على الساحة اليمنية بعد فشل الوكيل في تحقيق نتائج عدوانه، بدليل زيارة وزير خارجيتها جيرمي هانت لعدن وتهديده باستئناف العمليات العسكرية ما لم تسلم حركة «أنصار الله» الحديدة في غضون أسابيع، ليكون الرد اليمني جاهزاً على لسان الناطق الرسمي باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام بقوله: لو كان المطلوب تسليم ميناء الحديدة للطرف الآخر لما كان هناك حاجة لوجود الأمم المتحدة أصلاً.
تحالف العدوان السعودي أمام مرحلة التصعيد مقابل التصعيد وأي طريق يسلك سيجد فيه عقبات يمنية تحول دون أهدافه، وأمام هذا الفشل سيأخذ الأصيل الأمريكي والبريطاني دوراً أكثر ظهوراً وبروزاً في المرحلة القادمة، لتعود المهمة إليه.
The post العدوان السعودي على اليمن.. من «نزهة» إلى ورطة appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.