مفاجئ وغير مفاجئ أن تستضيف «قسد» قناة تلفزيونية للعدو الإسرائيلي، وأن ترافقها بكبار متزعميها في جولة في مدينة القامشلي وجوارها.. ثم وتأكيداً على فعلٍ حدث عن سابق إصرار وتصميم «مالحت» ضيفها الإسرائيلي بطعام لم يغصّ به عناصر «قسد» ولم يشعروا به ناراً تحرق حلوقهم وهم الذين يتشاركون الطعام مع عدو، هو عدو وطنهم سورية، عدو لا يتوقف عن تهديد سورية، ولا عن اعتداءاته على أراضيها.
وعندما نقول «مفاجئ» فإن مقصد القول أنه صادم، فالسوريون -رغم أنهم يتوقعون كل شيء حالياً- إلا أن رؤيتهم مشاهد لفئة سوريّة أو محسوبة على السوريين، وهي تتشارك الطعام مع العدو الإسرائيلي، هي أمر صادم ومؤلم، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يريد فيه العدو الإسرائيلي «فرض» احتلاله «بصورة نهائية» على الجولان السوري بقوة الانتهاكات الأميركية للقرارات والقوانين الدولية التي تؤكد جميعها أن الجولان أرض سورية يحتلها العدو الإسرائيلي.
وعندما نقول «غير مفاجئ» فإن مقصد القول أن «قسد» وطوال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، كانت تقول أمراً وتفعل أمراً آخر، حتى بدا الأمر كأنها بلا هوية، أو أنها ضيعت هويتها، فهي أميركية عندما يدعمها الأميركيون ويزودونها بالسلاح بهدف تقسيم سورية، وعندما يتخلى الأميركيون عنها لمصلحة حليفهم التركي تصبح «قسد» سوريّة وتهرول إلى دمشق تطلب الحماية والإنقاذ وتُحاجج في أنها فئة من فئات الشعب السوري، لها ما له وعليها ما عليه.. و«قسد» إسرائيلية -كما بدت بالأمس- تتقرب من العدو الإسرائيلي وللهدف نفسه الذي يجهر به العدو الأميركي، أي التقسيم.
الدولة السورية -وفي كل مرة- كانت تتغاضى، مُغلّبة المصلحة الوطنية للسوريين جميعاً، ولكن ضمن القاعدة نفسها لـ«قسد» ماللشعب السوري وعليها ما عليه.. أي حقوق وواجبات تحت سقف الوطن.. لكن «قسد» تريد حقوقاً فقط من دون واجبات.. وعلى مبدأ «اللحاق بالكذاب» تدرك الدولة السورية أن «قسد» تكذب في كل مرة، وتدّعي وطنية هي أبعد ما تكون عنها.
ولأن «قسد» وضعت نفسها في خدمة العدو الأميركي، فإنه من الطبيعي وتلقائياً أن تكون في خدمة العدو الإسرائيلي، وربما كانت في خدمته منذ البداية، وما جرى بالأمس من استقبالها قناة تلفزيونية إسرائيلية هو البداية فقط.. وكل ما هو تحت الطاولة سيظهر تباعاً.
«القناة 11» التابعة للعدو الإسرائيلي -التي استضافتها قسد- عرضت بتوسع ومرات عدة التقرير الذي أرسله الصحفي التابع لها موآف فرداي، وتجوله في القامشلي وبلدات أخرى حولها، ولقاءه مسؤول «قسد» العام المدعو مظلوم كوباني.
في تعليقات القناة الإسرائيلية فإن استضافة «قسد» لموآف فرداي تزامنت مع «قرار» ترامب الاعتراف بما يسمى «سيادة إسرائيل» على الجولان السوري المحتل إلا أن التقرير لم يتم بثه حتى يوم أمس الجمعة. وفيما لم توضح قناة العدو الإسرائيلي لماذا أخّرت بث التقرير، يبدو واضحاً أن التأخير هدفه إطالة الزخم الناتج عن قرار ترامب، وللقول إن «فئة من السوريين ليست لديها مشكلة مع إسرائيل» ولاتعتبرها عدواً وتريد التطبيع معها مثلها مثل أنظمة التطبيع الأخرى.. وبالتالي «هي ليست ضد قرار ترامب بدليل أنها قبلت استضافة وفد القناة الإسرائيلية» فيما كان ترامب يوقع «قرار الجولان» بحضور نتنياهو.
لا ندري ماذا تسمي «قسد» استضافتها للقناة الإسرائيلية «ولا يهم التوقيت هنا بقدر ما يهم الفعل بحد ذاته»؟ ولا ندري بأي تصنيف تدرج هذه الاستضافة، وكيف لها أن تتحدث باسم سورية وتستمر في تسمية نفسها «قوات سورية الديمقراطية» التي اختصارها «قسد»؟! ولا ندري ماذا يسمي مجلس سورية الديمقراطية المُسمى اختصاراً «مسد» باعتباره الجناح السياسي لـ«قسد»، ماذا يسمي استضافة «قسد» لقناة تلفزيونية للعدو الإسرائيلي، وكيف لـ«مسد» هذا أن يتحدث باسم سورية ويستمر في تسمية نفسه «بمجلس سورية الديمقراطية»؟!
وسورية والسوريون من ممارسات «قسد ومسد» براء.
بالنسبة للسوريين ما قامت به «قسد» له مسمى واحد فقط: خيانة مُعلنة وموصوفة.. فمن يشارك العدو ضيافة وطعاماً فإن السوريين لن يشاركوه لا أهلاً ولا أرضاً.
The post مَن يستضيف العدو ويشاركه الطّعام فإن السوريين لن يُشاركوه لا أهلاً ولا أرضاً appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.