محتلّ بضمانات!

منذ إعلان ترامب المشؤوم بشأن الجولان السوري المحتل، ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما انفك يلوح «بالخطوات القادمة» التي يعتزم الإقدام عليها بعد انتخابات الكنيست.
للمرة الثالثة في أسبوع، يعلن عزمه على «ضم وفرض السيادة الإسرائيلية» على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وكأنه يسعى لتحويل الانتخابات إلى «استفتاء» على ضم الضفة الغربية المحتلة، واستقطاب أصوات اليمين للفوز، ومحاكاة «تحالف حكومي» للمرحلة المقبلة تكون سقوفه السياسية معلنةً.
المفارقة أنه، وبالتوازي مع هذه النيات المعلنة، ثمة أصوات عربية، صدرت من على بعد مسافة قصيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتحديد من منطقة البحر الميت في الأردن حيث يعقد «المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» تدعو إلى العمل على طمأنة «إسرائيل» وتبديد مخاوفها بشأن استمرارية وجودها في المنطقة، عبر «اتفاقات وإجراءات حقيقية»..
إنها المفارقة بعينها، «إسرائيل» تعمل جهاراً نهاراً للإجهاز على الحقوق العربية والضرب عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية، وهي مطمئنة إلى سقف الحماية الأمريكية، وثمة من العرب من يريد أن يقدم لها مزيداً من الضمانات.!
مفارقة تبدو مريبة ومستهجنة ومعاكسة للمنطق وتدعو للقلق، وتمثل وضعاً مفتوحاً على التساؤل والاستغراب، بل وفي تقاطع مع أحداث مشابهة يصدمنا حجم المفارقات التي تعتري الحياة السياسية العربية، ويكابدون آثارها كل يوم.
لا يمكن للمرء إلا أن تستوقفه مثل هذه الدعوات العربية، كما تستوقفه، مصفوفة من المفارقات في واقعنا السياسي، وهي في مجملها ليست مفارقات عَصية على الفهم، بل، يمكن تشخيصها، وتحديد سُبل تجاوزها، غير أنها، مع الأسف، مُستمرة تجذب العرب إلى الوراء، وتُضعف إرادتهم وتظهرهم وكأنهم لا حول لهم ولا قوة، لذلك يتفننون في طرح المبادرات المجانية.
كل ما يحصل اليوم ما كان له أن يتم – من الاعتراف بالقدس عاصمةً لكيان الاحتلال إلى إعلان «ضم» الجولان السوري المحتل، وتالياً ما يخطط للضفة، ولا يستبعد أن تصل الأمور إلى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا – لو وقف العرب موقفاً موحداً وتوقفوا عن تقديم المبادرات المجانية.
في واقعنا العربي والسياسي الكثير من المفارقات التي ليس لنا من خيار، سوى القطع معها، والتمسك بالثوابت والحقوق مهما كلف ذلك من ثمن، هو، على تكلفته، أقل خسارةً من التفريط بالحقوق في لحظة سياسية فالتة.

The post محتلّ بضمانات! appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the محتلّ بضمانات! on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.