في تفاصيل حياتنا اليومية جزئيات صغيرة تشكّل منغصات إضافية تُضاف إلى قائمة معاناتنا التي لا تنتهي، منها مرورنا اليومي بالطرقات الرئيسة واصطدامنا بما يسمى «إشغالات الأرصفة»، ففي كل حركة يومية علينا تنفيذ ما يشبه «العقوبة»، وهي تجاوز وعبور تلك العربات والبسطات بأيسر السبل، ولاسيما في منطقة استراتيجية كالبرامكة، حيث ينتشر الباعة على امتداد أرصفتها باتجاه نقطة الجسر إلى الحلبوني، سوق بكامل عتاده فرض نفسه فيها، وفي كل منطقة تماثلها من حيث الازدحام، الأمر الذي يزيد من أعباء اجتيازها بيسر، وتالياً يعرقل مرور يومنا بسلام وراحة.
يلجأ للأرصفة من ضاقت به الحياة أو دفعه الفقر المدقع إلى افتراش الرصيف لعله يجد ما يسدّ رمقه ورمق عياله من خلال عرض بضائعه بشكل عشوائي، حتى تمكنت تلك العربات والبسطات من قضم أكبر مساحة منها، بدءاً من المواد الغذائية مروراً بالتفاصيل البيتية وانتهاءً بالألبسة والأدوات الكهربائية، كما نرى من وجد مكاناً للتسول، حتى أصبح المرور اليومي من خلالها يثير الاشمئزاز، كل هذه المشاهد على مرأى الجهات المعنية التي تغض النظر عن قمعها أو حتى الحد منها.
المفارقة في الموضوع أن الرصيف كان يحتل حيزاً من الذاكرة الجمعية في كل شيء بتفاصيله، حيث كان يومئ إليه في الروايات لانتظارات الناس أو لتجمع الشباب في نقطة ما، أو يكون إشارة لذكريات أناس مشوا مرات ومرات عليه، كما تعني الأرصفة في الدول المتحضرة أنها مؤشر على وعي الناس لدرجة بتنا نسمع عن أنشطة فنية كعرض لوحة رقص، أو معارض رسم للوحات تجد طريقها على أرصفة المدن، لكن لدينا الوضع مختلف، وما زاد الطين بلة ظروف التهجير وضنك العيش في السنوات الأخيرة.
بالتأكيد، من القسوة أن نطالب أولئك البسطاء بالرحيل وحرمانهم من مصادر عيشهم، لكن على الجهات المعنية أن تجد لهم السوق البديل أو ما يشبه السوق الشعبي في المنطقة المناسبة، حتى يتسنى لهم الحفاظ على دخلهم ولقمة عيشهم، وأن يطبق القانون على الجميع فـ«الكبسات» التي تأتي على حين غرة تطبق الحدّ على الباعة البسطاء في تسجيلها المخالفات أو حتى المصادرات، وتترك الحبل للمخالفين الكبار، فهل نشهد أرصفة نظيفة خالية من التعديات أم تبقى رمزية الأرصفة في الذاكرة فقط؟.
The post منغصات إضافية appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.