الحامل الأخلاقي في شعر بديـوي بديـوي

«الشآميات»و«أزهار الخريف» مجموعتان شعريتان للشاعر بديوي وخلالهما سأركز على الجانب الأخلاقي
وقد اخترت هذا الجانب -أو الحامل- لأتحدث عنه في شعر بديوي بديوي لثلاثة أسباب، أولها أن أي عمل أدبي أو إبداعي أو فكري تنحدر قيمته عندما يخلو من هذا الحامل وتتعالى وتتسامى حين يزخر به ويطوف، والكثير من قصائد المجموعتين إما صراحة وإما رمزاً وإما إيماءً وإما استنباطاً لا تخلو من هذا الجانب والتطرق إليه والغوص فيه والنهل من درره وصوغها في قالب شعري عمودي رزين يحمل الحكمة والأخلاق والمثل العليا ويحض عليها.
وأشهد أنه _رحمه الله_ كان يتصف بهذه الصفات التي يحملها شعره فكان نظيفاً طاهر السريرة واسع الصدر متسامحاً يحب الناس يفرح لفرحهم وتنغصه أتراحهم وينسحب ذلك من الدوائر الصغرى إلى الدوائر الكبرى على مستوى هموم العرب وشجونهم بل هموم العالم أيضاً
أليس هو من قال:
«كأنني والرزايا أصبحت قدري
موكل بهموم الأرض تعنيني»
كان صادقاً في حياته، لذلك كان شعره مرآةً لذاته وعاكساً لها ولا يتكلف من يقرأ مجموعتيه هاتين باكتشاف هذا الأمر والوصول اليه وهذا هو السبب الثاني لاختياري الحديث عن هذا الجانب
يقول في قصيدته «حنين»
هو الصدق ما أحلاه للمرء شيمة
وطبعاً جميلاً بالرجال يليق
ومن لم يكن بالصدق في الناس معلماً
فما هو حقاً بالحياة خليق»
لا أريد الإسهاب كثيراً في هذا الجانب واستعراض الاستشهادات إلا بما تسمح به مساحة المقال وحسبي أن أتوقف عند هذه الأبيات لأعرف القارئ بهذا الشاعر الكبير الذي لم يأخذ حقه في الإعلام ربما يكون ذلك لأنه كتب الشعر متأخراً حين بلغ أشده واستوى وربما لأنه لم يعمر بعد ذلك طويلاً:
يقول في قصيدته «بلاعنوان» في مجموعته «أزهار الخريف»
«وهذا الشيب يمنحني رشاداً
ومابي خلة نحو التصابي
سموت بعزتي بإباء نفسي
بأخلاقي بديني بانتسابي
سموت عن الصغائر والدنايا
سموت عن الوقوف بأي باب
سوى باب الذي خضعت وذلت
لعزة ربه كل الرقاب
وقد علم الجميع بأن قولي
كفعلي صادق دون ارتياب»
أما ثالث الأسباب وآخرها لاختياري الحديث عن الجانب الاخلاقي، فهو أن المجموعتين تضمان-فنياً- شعراً يذكرني بفحول الشعراء من الجاهلية حتى وقتنا الحالي يذكرني بـ «زهير بن أبي سلمى والمتنبي وبدوي الجبل والجواهري وعمر أبو ريشة ونزار قباني ومصطفى جمال الدين»، فكيف لي أن أعلق على إنتاج شاعر يضع قدميه في الجاهلية وتنتصب قامته ويمتد رأسه الى القرن الحادي والعشرين؟

The post الحامل الأخلاقي في شعر بديـوي بديـوي appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the الحامل الأخلاقي في شعر بديـوي بديـوي on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.