بين الرغبة بالتهدئة وخفض حدة التصعيد والتوتر في منطقة الخليج بما يحمي المصالح وبما يجنب جميع الأطراف تبعات مواجهة مباشرة، وبين مواصلة التصعيد وزيادة وتيرته من المعسكر الأمريكي- الغربي، يأخذ العُماني دوره في محاولة لتبريد حرارة المشهد بما يفرمل من اندفاعة التصعيد الذي تشهده المنطقة.
..من هنا أراد وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بزيارته لإيران أن تكون فاتحة لأبواب تخفيف التوتر والحد من لغة التهديدات بما يضمن أمن الملاحة في المنطقة، حيث كان لافتاً قول الوزير العُماني: إن بلاده لا تقوم بأي جهود وساطة في التوتر المتصاعد بمنطقة الخليج لكنها تجري اتصالات مع جميع الأطراف لضمان استقرار الملاحة في مضيق هرمز.
ورغم ما أثير حول الزيارة من أنها (تأتي كوساطة) بين إيران من جهة وأمريكا وبريطانيا من جهة ثانية، ورغم النفي المذكور آنفاً للوزير، لكن التجاذبات التي شهدتها الأمور تجعلها مفتوحة على كل الاحتمالات، يدعم ذلك ما كشفته تسريبات موقع «نادي المراسلين الشباب» التابع للتلفزيون الإيراني عن حمل الوزير العماني لرسالتين هامتين من لندن وواشنطن لطهران، تتعلق الرسالة البريطانية بالعرض على إيران بالإفراج عن الناقلة البريطانية مقابل الإفراج عن مثيلتها الإيرانية، أما الأمريكية فتتضمن مقترحاً من مستشار البيت الأبيض غاريد كوشنر بالإفراج عن أموال إيرانية مجمدة، مقابل تراجع إيران عن موقفها إزاء «صفقة القرن».
ولأنها تجاذبات، يظهر للعيان استمرار المناورات الأمريكية – الغربية، وما يدلل على ذلك «مبادرة» وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو برغبته زيارة إيران والتحدث إلى الشعب الإيراني واللقاء مع القادة الإيرانيين، فالمؤكد هنا أنها مناورة أمريكية ليس إلا تعكس حاجة لدى واشنطن لتخفيف التوتر ريثما يضبط المعسكر الأمريكي-الغربي تموضعه للسيطرة على طرق الملاحة البحرية ولإعادة مراكمة أوراق ضغط جديدة بعد احتراق القديمة بفعل المفاجآت الإيرانية في طبيعة ونوعية الرد والردع.
وربطاً بالسابق، يصر المعسكر الأمريكي- الغربي على تصدير صورة القوة والتمترس خلفها لإخفاء نقاط الضعف وترميم العطب الذي أحدثه الردع الاستراتيجي الإيراني، وحتى لا تبدو صورة الحاجة للنزول عن الشجرة واضحة يأتي وزير الخارجية البريطاني الجديد دومنيك راب ليحسم قضية تبادل الناقلات مع إيران بقوله: لن يكون هناك تبادل للناقلات، ليكون الرد الإيراني موثقاً بالصورة عبر نشر تسجيل جديد لطريقة احتجاز الناقلة البريطانية في مضيق هرمز، في رسالة إيرانية على المعاملة بالمثل.
وعلى الخط الإيراني أيضاً، تأكيد على لسان الرئيس حسن روحاني أن إيران وعمان تتوليان المسؤولية الرئيسية لتوفير الأمن في منطقة مضيق هرمز، تناغم معه رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي أن إيران لن تسمح لأمريكا وبريطانيا بالسيطرة على مضيق هرمز، بينما على المقلب النووي إصرار على مواصلة خفض الالتزامات النووية لحين تنفيذ الدول الأوروبية التزاماتها.
الثابت أن إيران تراكم أسباب وعوامل القوة وتمتلك المزيد من أوراق الضغط، مقابل ماتفعله أطراف المعسكر الآخر، والواضح أن سياسة النزول الغربي عن الشجرة ستظهر بالمشهد بطريقة مواربة وتدريجية من قبل أمريكا وبريطانيا أقله لحين ترتيب الداخل لدى كلا الطرفين.
The post التقلب على نار التجاذبات appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.