بعثت لي، منذ مدة، قارئة فضولية تسألني فيها عن شكلي وأوصافي.. وإذا أردت الاختصار، فلأبعث لها بصورة ملونة لي.. وإن كنت من عشاق التكنولوجيا، فلا بأس من إرسال شريط فيديو، يصورني وأنا أقرأ بعض كتاباتي… ولا أدري لِم لمْ تطلب البنت أن أذهب بنفسي إليها اختصاراً لكل هذه الكركبات. وقد أهملت الرسالة لأن اسمي لم يدرج في قائمة نجوم السينما حتى الآن.. ولا في قوائم نقابة الفنانين.. ولا في قوائم الأثرياء الجدد… إذ إنه كلما ازداد عدد الكتب التي يؤلفها المرء ازداد الدليل على مدى تدني مستواه المالي…. اليوم وقعت في يدي الرسالة المذكورة.. وقررت الرد عليها.. ولهذا توجهت نحو المرآة، وتأملت وجهي طويلاً.. وها أنا أصف للقارئة الكريمة صورة لهذا الإنسان الذي أطل عليّ.. وارتسمت أوصافه في بؤبؤي عينيّ.. الشعر مقرعد مقرمد، لا يلزمه إلا طلي بالأخضر ليصبح مثل جرزة بقدونس، مزروعة في حقل كان يُسقى من نهر بردى في الزمن الغابر… الجبين متغضن مبقع من لطخات مجهولة المصدر.. ويذكرك فور رؤيته بآية عبس وتولى… وفيه أخاديد عرضانية حفرتها الأيام.. ولا علاقة لمؤسسات الهاتف والكهرباء والماء والمجاري بها.. الحاجبان كثيفان أسودان متصلان، كأنهما دخان خرج لتوه من مدخنة ميكرو باص، شاخ محركه.. ودبر سائقه أموره مع الشرطة… وأما العينان فصغيرتان غائرتان كأنهما طاقتان في بيت من بيوت المخالفات.. لم يلحظهما رئيس البلدية أثناء تشييد البيت.. لأنه رآهما بجيبه.. الأنف كبير مفلطح يسبب لي الكثير من المشاكل، خاصة حين يحشر نفسه في بعض المسائل، ولا يقول لنفسه: فخار يكسر بعضه…
الذقن مكوّرة.. مدوّرة.. كأنها منهوبة من أموال الدولة.. ولا أحد يقول لها ما أحلى الكحل في عينك… أما اللسان فهو علة العلل.. طويل أكثر من اللازم.. يسبب لي بعض الإرباكات، خاصة حين أسأل به متى ستبدأ حملة شاملة على الفساد… فأبدو مثل الأبله الذي يذهب إلى الفرن ليشتري البوظة..
وبعد هذا تريدين يا آنسة صورة لي.. أو شريط فيديو؟… يعني بلاوي التلفزيون ما عم تكفّي وتوفّي؟!…
The post صورة طبق الأصل appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.