لا أحد يستطيع أن ينكر على الكثير من مؤسسات وشركات القطاع العام الإنشائية دورها البناء في فترة الحرب الإرهابية، إذ كانت تعمل في ظروف صعبة جداً لتنفيذ مشاريع وأعمال في وقت نأى فيه معظم متعهدي القطاع الخاص بأنفسهم عنها للمخاطر التي كانت سائدة ولحسابات الربح والخسارة التي تعد هاجسهم الأساس في ظل تبدلات الأسعار المتسارعة وغير المتوقعة.
لكن الظاهرة السائدة والتي اتسعت مؤخراً لدى بعض تلك الشركات والمؤسسات أنها تأخذ تعهدات من الجهات العامة، ولا تنفذها بنفسها، بسبب عدم وجود الكوادر البشرية الكافية التي تسرب الكثير منها خلال الحرب، ولقلة الآليات الفنية بمختلف أنواعها نتيجة تعرض العديد منها للتعديات بالنهب والحرق والتخريب بينما المتبقي منها قديم ومتهالك.
وما يحدث اليوم أنها تقوم بإعطاء تنفيذ أعمال هذه المشاريع إن بشكل جزئي أو كلي من الباطن لمتعهدين ثانويين من القطاع الخاص، وهؤلاء قد يشاركهم آخرون بعد تجزئة الأعمال، ما يعني تعدد حلقات المتابعة على التنفيذ ويعظّم التكاليف والأرباح من المشروع، وقد ينتج عنه هدر في الوقت والمال وتدن في مستوى جودة الأعمال.
المثال الأكثر وضوحاً يأتي من فرعي الشركة العامة للبناء والشركة العامة للمشاريع المائية، فكلاهما ليس لديه أي إمكانات لتنفيذ أي أعمال في درعا وخاصةً لجهة الآليات الفنية من «بواكر وتركسات وشاحنات» وغيرها، وحتى كوادر كل منهما لا يكاد عددها يتعدى أصابع اليد الواحدة، وبات دورهما حالياً يشبه إلى حدٍ كبير دور الوسيط أو السمسار الذي يأتي بمفاتيح العمل بالتراضي من القطاع العام ويدلل عليه ليسلمه للقطاع الخاص مقابل عمولة بنسبة محددة من قيمة أعمال المشروع.
الحالة المبتغاة أمام ما تقدم تقتضي إعادة تأهيل شركات ومؤسسات القطاع العام عبر رفدها بالكوادر الفنية والحرفية الكافية وتدعيمها بالآليات الفنية، على نحو يمكّنها من تنفيذ الأعمال بنفسها وفقاً للهدف الأساس من إحداثها، ويجعلها تزيد من أرباحها التي بتراكمها تسهم في تعزيز دورها وتوسيع أعمالها التي لا شك ستكون مطلوبة بإلحاح وبحجم أكبر في مرحلة إعادة الإعمار المقبلة عليها البلاد، بدلاً من إدخالها لمتعهدي القطاع الخاص الذين لا همّ لبعضهم سوى الربح المجزي ولو على حساب جودة تنفيذ الأعمال.
The post عام باطنه خاص ..! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.