ليست المرة الأولى التي تتنصل فيها الولايات المتحدة من التزاماتها الدولية، وربما لن تكون الأخيرة، هكذا تفعل على الدوام عندما تشعر بأن أي معاهدة أو اتفاق لايخدم أطماعها، وهي كعادتها تفعل ما تريد بشكل أحادي وتلقي جريرة فعلها على الآخرين، ففي آخر انسحاب لها كان من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى والتي وقعتها مع الاتحاد السوفييتي السابق منذ ما يقارب الثلاثة عقود وحملت وزر انسحابها لروسيا بمزاعم غير منطقية.
الولايات المتحدة تصعد من إجراءاتها العدوانية بشكل يثير مخاوف دولية من سباق تسلح جديد، إذ بعد انسحاب واشنطن من المعاهدة مباشرة أجرت اختباراً لصاروخ مجنح محظور بلغ مداه أكثر من 500 كيلومتر، في دليل واضح على تعمدها تقويض معاهدة «حظر الصواريخ النووية»، وذلك لأن إطلاقها للصاروخ المجنح لم يكن وليد اللحظة فهو يحتاج لتحضيرات ولزمن يتجاوز بكثير مهلة انسحابها من المعاهدة وتوقيت الاختبار، في مؤشر على نيتها المضمرة والمسبوقة للانسحاب أحادي الجانب من قبلها، في حين حملت أسباب فعلتها زوراً وبهتاناً لروسيا!.
الانسحاب الأمريكي من المعاهدة واختبارات واشنطن الصاروخية قوبلا بانتقادات دولية أجمعت على أن الولايات المتحدة تتحضر منذ زمن طويل لإلغاء المعاهدة لأهداف مبيّتة ضد من يعارض سياساتها في الهيمنة والسيطرة المرفوضة دولياً، وبمقابل الاختبارات الصاروخية الأمريكية وتهديداتها ستبدأ مرحلة جديدة من سباق تسلح جديد ستكون لها تداعيات خطرة على الأمن والسلم الدوليين وهذا غير مقبول على الإطلاق في ظل محاولات الإدارة الأمريكية المستميتة لفرض هيمنتها وإملاءاتها على الدول التي نحت باتجاه تشكيل تحالفات دولية مناهضة للممارسات الأمريكية الجائرة.
من المؤكد أن الاتهامات الأمريكية لروسيا لا تعدو كونها مسوغات باطلة الغاية منها صرف النظر عن ممارسات واشنطن الممنهجة لتدمير معاهدة «حظر الصواريخ» وسلوكها العدائي المتجدد ضد الدول المعارضة لسياساتها العدوانية، وعن تطويرها لصواريخ جديدة وخطط نشرها في آسيا وسط تحذيرات من تبعات الإجراءات الأمريكية المحفّزة لسباق دولي نحو التسلح قد يكون خارج السيطرة، وهو ما لا تقبل به الدول ومن بينها روسيا التي سارعت في ظل الممارسات الأمريكية إلى إعداد رد متكافئ على إطلاق الصاروخ الأمريكي المحظور، فإلى أي مدى يمكن أن تصل الأوضاع وإلى أين ستتجه؟.
waddahessa@gmail.com
The post مخاوف من سباق تسلح جديد! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.