تقاس حضارة الشعوب والدول بمدى إتقانها والتزامها بمبادئ التربية التعليمية والأخلاقية على حد سواء, فبناء الإنسان وتأهيله أخلاقياً أساس الإنطلاق السليم للحصول على مخرجات صحيحة..
تختلف الآراء بشأن مسألة آفة الفساد ومسبباتها, وهل تكمن العلة في أخلاق الناس ومن يتولون المهام والمسؤوليات, أم لسبب الفاقة وقلة الدخول بشكل عام..؟ أي من يتحمل تبعات ذلك الداء الخطير..؟
هناك من يعيد الفساد المالي إلى سبب سوء الإدارة وضعف بعض الإداريين ونقصد هنا الإداريين ممن يتسلح بزمام اتخاذ القرار ويتحكم برقاب الناس من جراء إصدار قرارات أو إجراءات قد يكون تطبيقها صعباً, أو يشوبها بعض الثغرات للتلاعب لاحقاً..!
وعلى النقيض هناك من يقول: إن المشكلة تكمن ليس في سوء الإدارة وضعفها, فهناك أشخاص إداريون مهرة, لكن انعدم عندهم الوازع الديني وتلاشت الاخلاق, فأي لباس ذاك الذي سيعزز أقنعة الإصلاح والخلاص من آفة بشعة..؟! وهذا ما يعزز أننا في بعض الجوانب والمطارح لا نعاني مشكلة الجهل الإداري وضعف إصلاحه, بقدر مانشكو من تسخير بعض الأشخاص والقيادات الحنكة الإدارية وربما الدهاء للمصلحة الشخصية الضيقة تحقيقا لمكاسب شتى..! وما يعزز هذا الشق أن هناك الكثيرين خدموا في مناصب حساسة وذات أهمية سنوات طويلة وكسبوا قدرات إدارية ومعرفية مكينة ومنهم الموهوبون والناجحون, بعض منهم كان همه منصبّاً على تحقيق الثراء الذاتي وبالطرق النظامية التي لا يمكن لأحد كشفه بالدليل الملموس…! فالمهرة شيء ومنظومة أخلاقهم شيء آخر, فقد يكون أكثر الإداريين مهارة أخطر الفاسدين لأنه يختلس بأساليب وفنون من الصعب تبيان خيوطها, فبريق المال يخطف البصائر والأبصار, والنفس أمارة بالسوء وقنوات الفساد سريعة العدوى..!!
جميل أن نستمع لشروحات عن الإصلاح ومنافعه على المجتمع وعلى الحفاظ على المال العام وتقليل الهدر, لكن الأجمل أن نرى تطبيقات عملية وعقوبات حماية تمنع وقوع أي هدر قبل حصوله, الاهتمام ليس فقط بالإصلاح بقدر ما يجب التركيز على تعزيز منظومة الأخلاق منطلقاً رئيساً, مع تغليظ العقوبات لقطع دابر الطمع..
The post الأخلاق أولاً appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.