انتشار صفحات الطباخين بكثافة بات يثير الريبة.. فأولئك المهرة الذين يستعرضون خبراتهم في تقطيع «الخواريف وطبخ الريَش مع العصاعيص والفتايل»، لا يعرفون أن الشعب أصبح يُعرف بـ«أبو عص»، من كثرة النحافة والريجيم القسري والإدمان على البطاطا والفلافل و«الجظ مظ».. لهذا كله، فإن أبسط ما يمكن أن يفعله الناس في هذه المرحلة هو رفع دعاوى إلحاق ضرر بالنفس والشهية لأن أولئك الطباخين يعتقدون أن ثلاجات البشر ملأى بـ«الفراريج والخواريف المكتفة»، لكن ما ينقصهم هو معرفة كيفية طبخ تلك «الكراديش» من اللحمة قبل أن «تخم» وتفسد بسبب التخزين الطويل من دون أن يعرف الناس كيفية تقطيعها ووضعها في الطناجر ثم رشّ البهارات والمكسّرات عليها ووضعها في الفرن أو شكّها بالسيخ من أجل الشوي على الفحم، إضافة إلى كيفية تقطيع الثوم والبقدونس والنعنع وخلطها مع الخضر لأن هذه العملية تعدّ من أعقد ما توصلت إليه البشرية على الإطلاق!.
صفحات الطباخين العالميين تحصل على ملايين الإعجابات والمشاركات و«سمايلات» الحسرة على مشهد الوليمة التي ينتجها «الشيف» في نهاية المشهد.. لأن السؤال الخطير الذي مازال يرافق أولئك الرازحين تحت خط الفقر، هو: كيف نطبخ الشرحات المطفاية بالثوم؟ وكيف نحصل على وجبة فظيعة من «الجدي بالزيت» أو الخاروف المحشو باللوز والصنوبر وسائر أنواع المكسرات التي يلزم المواطن قرضاً من التسليف الشعبي للحصول عليها إذا ما سولت له نفسه اتخاذ القرار بطبخ هذه الأكلة أو تلك مهما كانت الظروف!.
قديماً، قالت الأمثال الشعبية إنه عوضاً عن تقديم سمكة للفقير، علًّموه الصيد كي يعرف كيفية الحصول على السمك مرات ومرات، ونقول اليوم، إنه عوضاً عن تدريبنا على كيفية طهو السمك والخواريف والديوك، يفضل أن تؤسسوا المداجن لتربية الدجاج، وتجّروا المياه كي تتشكل البحيرات، وتوفروا المراعي من أجل الخرفان، والأهم من ذلك كله أن ينزل سعر «الشنكليش» ونحن نتكفل بصنع «الجعيفورة».. ويلي على نوراااا!.
The post «أبو عص»! appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.