تتبع مدينة «أرمناز» محافظة إدلب وتبعد عنها حوالي 30 كم، حيث تقع في الشمال الغربي من سورية قريباً من «لواء اسكندرون»، وتحتل أرمناز موقعاً جغرافياً متميزاً بين جبلي «الأعلى» و «الدويلة» على هضبة تشرف على ما حولها من أراضٍ زراعية ذات تربة خصبة وتشتهر بينابيعها العذبة وطبيعتها الرائعة. كانت قديماً موطناً للفينيقيين، ومن ثم جزءاً من مثلث الإمبراطورية الرومانية الممتد بين حلب – اللاذقية في مواجهة الإمبراطورية الفارسية، فحضارتها القديمة عميقة وبارزة وتحوي الكثير من الآثار والأوابد التاريخية منها الأحياء القديمة التاريخية مثل «المنصورة – اسبطريس – تل الحدادي»، إضافة إلى القنوات المائية الرومانية الطويلة تحت الأرض، وتشتهر «أرمناز» بزجاجها العالي الجودة حتى إنه قديماً كان مضرب المثل فيقال «أرق من الزجاج الأرمنازي» وكانت المهد الأول لصناعة الزجاج فقد اخترع الفينيقيون صناعة الزجاج فيها عام 2500ق.م ونقلوها إلى مصر وتونس عبر رحلاتهم البحرية في البحر الأبيض المتوسط وأشهرها صناعة «زجاج العقيق» الأرجواني وغيره من الألوان الذي انفردت به، حتى إن الخلفاء العباسيين كانوا يتباهون بالزجاج الأرمنازي، وقد ساعد على ذلك توافر التربة الرملية الزجاجية، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي منذ القدم ولا تزال بعض الآثار الفخارية القديمة تظهر أثناء الحفريات في المدينة وساعد على ذلك توافر التربة الغضارية في أراضيها وقد ظلت صناعتا الزجاج والفخار فيها محافظتين على طابعهما اليدوي التقليدي ما أكسبهما طابعاً تراثياً شعبياً يتمتع بالفن والإبداع، إضافة إلى شهرتها بصناعة عصر الزيتون وتكريره ومعالجة مخلفاته، كما تميزت «أرمناز» عن بقية أرجاء المحافظة بفلكلورها وموروثها الشعبي منها «دورة العريس» وحفاظها على الفن الأصيل للموشح ورقص السماح الأندلسي.
The post عين المكان appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.