أبيض وأسود.. الرضوخ للرأي العام!

لم يعد الرأي العام كالسابق.
فهو بات اليوم قادراً على التعبير عن نفسه في أي لحظة.. وحيال أي موضوع.
قد يكون هذا في نظر البعض تطوراً إيجابياً، لكونه فتح الباب أمام المواطنين جميعهم، على اختلاف شرائحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، للتعبير عن آرائهم ومواقفهم ومطالبهم من دون أن تُصادر، أو من دون أي إقصاء..
لكن وفق ما يرى آخرون، فإن هناك هواجس عديدة يثيرها الواقع الجديد، بعضها مرتبط بما أحدثته ثورة الاتصالات وتدفق المعلومات على صعيد المساهمة في صناعة وتكوين الرأي العام، وبعضها الآخر متعلق بمخرجات هذا الرأي ونتائجه واتجاهاته..
بداية، لا بد من الإشارة إلى أن المقصود بالرأي العام هنا، لا يعني بالضرورة الموقف الشعبي الموحَّد من موضوع أو ملف معين، وإنما توجهات وآراء فئة من الأشخاص إزاء قضايا وأحداث غالباً ما تكون محلية.. وقد قيل الكثير في هذا الشأن، سواء من المختصين في علم الاجتماع، أو من المهتمين بالشأن الإعلامي والاجتماعي.
إنما نادراً ما جرى التطرق إلى نقطة غاية في الأهمية، وتتعلق بالسؤال الجوهري: هل يجب على الدولة والمجتمع الرضوخ إلى ما يطلبه الرأي العام دائماً أم إن ذلك متروك إلى طبيعة مخرجات الرأي العام؟
ليس الأمر سهلاً..
فالرأي العام ليس دائماً محقاً وموضوعياً ليكون واجب التنفيذ، إذ إنه في بعض الأحيان قد يكون مبنياً على معلومات خاطئة أو مزيفة أو غير مكتملة، ولاسيما عندما تحضر المصالح والاجتهادات الشخصية والمعلومات غير الدقيقة.. وكل منا لديه كثير من الأمثلة في هذا الشأن.
وحتى عندما يكون محقاً، فربما تكون هناك حسابات أخرى للدولة والمجتمع، تفرض توجهاً أو قراراً مختلفاً بعض الشيء عن توجهات الرأي العام، وغالباً ما يحدث هذا في الملفات والقضايا السياسية، المحلية والخارجية..
من جهة، كانت مشكلتنا في السابق في تجاهل اتجاهات الرأي العام أياً كانت، ومن جهة ثانية في حال الغموض التي تكتنف عملية اتخاذ أي قرار. لذلك كان رأي الكثيرين أن الدولة آنذاك «لم تكن مهتمة برأي المواطنين..!»
اليوم تغيرت الحال بعض الشيء، سواء عبر الاستجابة لرأي المواطن المعبّر عنه بوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وإن كانت هناك إشارات استفهام كثيرة تطرح حول «براءة» دور شبكات التواصل، أو بمحاولة توضيح خلفيات بعض القرارات والإجراءات التي قد تكون متناقضة أو مختلفة مع موقف الشارع.
في النهاية، فإن الرأي المتشكل من اتفاق مجموعة من الناس حول أمر أو قضية ما، يمثل موقفاً لشريحة شعبية، لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، وإلا فهو سيتراكم شيئاً فشيئاً، ليتحول لاحقاً إلى رأي عام واسع ضاغط ومعرقل..
ونقصد بعدم تجاهله ليس الرضوخ له دائماً، بل في مقاربته ودراسته وبيان أسبابه وأهدافه, والرد عليه عند الضرورة.

The post أبيض وأسود.. الرضوخ للرأي العام! appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the أبيض وأسود.. الرضوخ للرأي العام! on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.