إذا ما استندنا إلى الأرقام الصادرة عن وزارة الثقافة لمدى الإقبال على الأنشطة الثقافية التي تقوم بها ولاسيما معارض الكتب السنوية العامة والاختصاصية والتي لا يحق الطعن فيها مهما كشفنا من أدلة نجد أن الاقبال الجماهيري على معارض الكتب لا يعكس حقيقة غياب الكتب عن معظم البيوت أضف إليه غياب عادات القراءة وعدم استغلال أوقات الفراغ في المواصلات العامة أو الحدائق أو في المطاعم والاستراحات.. ما فاقم من ظاهرة عزوف الشباب عن هواية المطالعة التي تعد حاجة أساسية لتنمية الوعي والمعرفة.
وفي حين تشير أحدث الدراسات إلى أن العربي يقرأ نصف صفحة سنوية نجد أن الكتاب والثقافة في مأزق حقيقي يتجاوز معضلة غلاء أسعار الكتب إلى غياب استراتيجية وطنية تصحح علاقة الجيل بالكتاب, ما بات يستدعي إعادة هيكلة الهيئة الوطنية للكتاب بشكل يحفز المبدعين الحقيقيين على التأليف والكتابة وليس الطارئين على الكتابة, وبالتأكيد ليست العبرة بالعدد بقدر المضمون.. ويفترض أن الهيئات المعنية تدرس أسباب عكوف القراء عن الكثير من الكتب التي يتم نشرها من شعر وقصص لاترقى إلى أذواق القراء بدليل أن الكثير من الكتب يتم طلبها وأحياناً استيرادها من دور النشر الخارجية. والحالة أن لدينا الكثير من الكتاب والمترجمين والباحثين والعلماء والأدباء لكنهم لأسباب كثيرة من بينها العامل المادي تجعلهم من المقلين في الإنتاج الفكري والأدبي وكان لافتاً اختيار عناوين ثقافية لبعض المقاهي كمبادرة جديدة لاستقطاب الشباب والمواهب كمقهى قصيدة نثر ومقهى جدل بيزنطي في اللاذقية وطرطوس وانتشار مقاهٍ تحمل المبادرة نفسها في دمشق كمقهى كركاس ويامال الشام والثلاثاء الثقافي قي دمشق القديمة.
وفي حين نجد هذا الانتشار المدوي لمقاهي النت والشعبية ومطاعم الوجبات السريعة يصبح من الواجب علينا ابتكار أفكار وحلول جديدة لردم الهوة مابين الجيل والكتاب. ومن ذلك الدعوة لتخصيص مقاهي ثقافية لقراءة الكتب التي يمكن أن تجتمع فيها العائلة كلها.. حيث يجتمع الكبار والصغار والمراهقون ويقضون الكثير من الوقت في رحابها.. ويمكن أن تحتوي هذه المقاهي مكتبات تتم فيها استعارة كتاب مقابل تقديم كتاب, ما يتيح الفرصة لأكبر شريحة ممكنة لقراءة المزيد من العناوين من دون تكلفة مادية مرهقة للعائلة. وكبداية يمكن تحفيز المقاهي والمطاعم على اقتناء بعض الكتب القيّمة لمختلف الأعمار وتقديمها كجزء من الخدمات المقدمة.
The post المقاهي الثقافية appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.