من أوسع أبوابها تُزيد أمريكا من حجم جبهات النار المفتوحة بفعل غطرستها، ولكن بفارق مهم هو أن المقامرة الجديدة التي أقدمت عليها باغتيال الفريق قاسم سليماني قائد فيلق القدس ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس ورفاقهما، تختلف عن كل ما سبقها وتشكل مفصلاً في سياق المواجهة بين معسكر الشر الصهيو- أمريكي وبين محور المقاومة، إذ لم تعد المواجهة غير مباشرة بل انتقلت لتصبح مباشرة، وبلا شك ستصب كل عملية ما بعد المقامرة الأمريكية في سياق الرد الموجع.
حدث بحجم اغتيال سليماني والمهندس سريعاً ما تبلورت ارتداداته ورُسمت الخطوط العريضة للرد عليه عبر إجماع إيراني وعلى كافة المستويات على الرد القاصم والرد رداً عسكرياً حتماً وبالتالي وضع 36 قاعدة أمريكية في مرمى النيران الإيرانية، مع الذهاب إلى دفع الثمن والقصاص العادل كما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وذلك بإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، مع تهديد صادر عن كتائب «حزب الله» العراق بتحويل القاعدة الأمريكية في العراق إلى ركام في حال إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بقاء القوات الأمريكية في العراق، في إعادة التأكيد على وحدة الجبهات وتكاتفها، بما من شأنه أن يجعل مساحة الرد واسعة ومن كافة الاتجاهات.
إذا كان ترامب في مرات سابقة يجانب النار، فإنه هذه المرة وضع يده فيها ووضع مسألة الوجود الأمريكي في المنطقة وأمن جنوده في دائرة الخطر، كما فتح الباب واسعاً لتهميش وتهديد قضايا هامة لمحور الشر في المنطقة لتتكرس قضايا محور المقاومة، فما أسقطه أولاً أمن الكيان الإسرائيلي، وثانياً همَّشَ «صفقة القرن» مع تغيب العمل عليها في ترقب الرد الإيراني ورؤية النتائج، لتبقى في الواجهة القضية الفلسطينية كقضية محورية ولاسيما أن سليماني كان حاملاً للواء تحرير الأراضي المحتلة وهذا كافٍ ليكون للرد خصوصيته.
جبهة النار لم تبقَ في المنطقة بل انتقلت للداخل الأمريكي، من خلال الانقسام الحاد بين مؤيد للرعونة الأمريكية ومعارض يتحين الفرصة لحسابات سياسية ضد ترامب، ومظاهرات في مدن أمريكية خائفة من حرب سيكون ثمنها نعوش الضباط والجنود الأمريكيين كما هدد السيد نصر الله، بما يؤثر حكماً على مكاسب ترامب الانتخابية.
الرد حتمي ونيابة عن محور بأكمله ومن يقفون خلفه ولاسيما أن سليماني والمهندس يمثلان أركاناً هامة في هذا المحور، وبينما ترامب يرمم فشله وفشل أذياله من معسكر الشر في ردع المحور المقابل وإضعاف إيران تحديداً للتفاوض على اتفاق نووي جديد أو جرها إلى حرب، فإذا هو بصدد فشل جديد عندما ظن واهماً أنه يستطيع ضبط الإيقاع كما يرغب، ليكون الإيقاع مضبوطاً مجدداً على رغبة وتوقيت محور المقاومة.
The post جبهات النار تتسع.. وترامب في منتصفها appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.