«كورونا».. عندما تتحول الإنسانية إلى حقل تجارب في المواجهة

في جميع الحروب التقليدية «العمل العسكري» أو غير التقليدية «الأوبئة والأمراض» تكون الإنسانية أول حقول التجارب، ففي بعض الأحيان وضد دول بعينها وحسب ميزان الربح والخسارة و«المزاج» الاستعماري يتم التباكي على الضحايا ويُقصد تظهير الجانب الإنساني ولكن بشكل تضليلي، بينما في أوقات آخرى وضد الدول ذاتها تُنسى الإنسانية وتتحول الضحايا إلى مجرد أعداد تحصى وتدخل في عداد الزيادة، بل تتحول قضيتها إلى ورقة سياسية تدخل في سياق ممارسة الضغوط.
على هذه الخلفية دخلت قضية فيروس «كورونا» الذي انتشر في الصين -وانتقل لعدة دول- والمعاناة الإنسانية التي خلفها في إطار الحسابات السياسية وإيجاد فرص يُنظر إليها أنها متاحة للوصول إلى مسالك جديد في مواجهة الصين و(إضعافها والحد من قوتها)، وهنا تبرز قضية تايوان التي على مايبدو تميل لاستغلال الوباء وتحويله لفرصة للقيام بأنشطة انفصالية كعنوان رئيس للتأثير على الصين في سيادتها ومبدئها «الصين واحدة»، ليأتي الرد الصيني حاسماً وواضحاً بإعلان الجيش حشد قواته تحسباً لأي محاولات انفصال جديدة، تستغل أحداث تفشي فيروس «كورونا» الجديد، تناغم معه مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة الصيني «مجلس الوزراء» بقوله: لن نسمح أبداً لتايوان باستخدام الوباء كفرصة للحصول على ما يسمى «استقلال تايوان».
أمريكا القابعة خلف تلك المعاناة الإنسانية والقابعة خلف شهية تايوان للانفصال وهي بتحريكها اليوم عبر قضية «كورونا» إنما غرضها إشعال فتنة، وهذا في سياق استكمال الحرب السياسية والاقتصادية التي تخوضها ضد بكين، فمع انعدام جدوى الطرق السابقة للتأثير على الصين كما في الحرب التجارية وقضية الإيغور والتيبت واضطرابات هونغ كونغ المفتعلة وكلها ملفات حساسة وتمس الأمن القومي للصين، عمدت واشنطن اليوم إلى استغلال كورونا كسلاح يترك تأثيرات اقتصادية سلبية على الصين ولو على حساب العنصر البشري، الذي كان بمنزلة حقل تجارب أمريكية لتحقيق مرامٍ سياسية واقتصادية إن لم تكن على المدى البعيد أقله مرحلياً ريثما تستعيد أمريكا المثقلة بهزائمها توازنها مع العالم متعدد الأقطاب.
في الجانب الاقتصادي من قضية «كورونا» لم تكن الصين وحيدة في الخسارة، فبالرغم من إعلانها عن خسائر اقتصادية بمئات المليارات في البورصة، وتأثر مصانعها وأسواقها وشوارعها، لكن الارتباط الوثيق بين الاقتصاد العالمي والاقتصاد الصيني يجعل أي هزات يتعرض لها الأخير ذات تبعات عالمية خطرة، كما أشار محللون، وبذلك تكون أمريكا أدخلت نفسها والعالم أجمع في إطار أزمة جديدة.
الإنسانية التي «تبكيها» أمريكا وتعد أحد أدواتها باتت محاطة بالمخاطر الأمريكية، فمالم يُقضَ عليه في الحروب العسكرية، قُضي عليه بالحرب البيولوجية القديمة– المتجددة ورغم قساوة المشهد لتبعاته الإنسانية، فهو ضروري لواشنطن كجولة جديدة من جولات المواجهة بعد الجولات السابقة الخاسرة، وبالتالي استكمال الحرب ضد الصين بمختلف السبل والوسائل وعلى كل المستويات وفي جميع الساحات مهما كانت الأساليب الأمريكية همجية.

The post «كورونا».. عندما تتحول الإنسانية إلى حقل تجارب في المواجهة appeared first on صحيفة تشرين.

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the «كورونا».. عندما تتحول الإنسانية إلى حقل تجارب في المواجهة on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.