يكفي أن ترى حجم الفرح البادي على وجوه الحلبيين في أيامهم المباركة هذه حتى تدرك عظمة إنجاز الجيش العربي السوري في تأمين مدينتهم الاقتصادية بشكل كامل من الإرهاب، فعلى الرغم من أهمية هذا النصر على الصعيد الاقتصادي الذي يبشر بعودة عاصمة الاقتصاد السوري إلى عزها السابق بعد فتح الطريق الدولي ومطار حلب الدولي رسمياً، فإن رسم البسمة على وجوه نهكتها الحرب وإعادة الأمل إلى حياتهم يعدان إنجازاً في حد ذاته، خاصة أن ذلك سينعكس إيجاباً على تطوير صناعتهم في مدينة يوصف أهلها بأنهم أهل إنتاج وعمل، إذ إنهم برغم سنوات الحرب وتدمير المعامل والمصانع استطاعوا الاستمرار في إنتاج سلع منافسة نوعية وسعراً، فكيف الآن بعد تحقيق هذا النصر وإزالة أهم المعوقات أمام تصريف الإنتاج وسط انتشار حالة من التفاؤل عند الأهالي والتجار والصناعيين في الداخل والخارج في إمكانية رجوع المدينة الصناعية إلى ما كانت عليه خلال فترة قصيرة قد لا تتجاوز 6 أشهر في أقصى أحد خاصة مع الدعم الحكومي الموعود في إنعاش الاقتصاد الحلبي الذي سيكون له دوره البالغ في كسر طوق الحصار على البلاد والمساهمة تدريجياً في تخفيض الأسعار على المواطن بعد رفد المعامل الحلبية الأسواق المحلية بكفايتها والاستغناء عن المستوردات التي تكلف الخزينة مليارات الليرة.
احتفال في كل مكان
عند المرور في أي منطقة من مدينة حلب المبتهجة يصعب ألا ترى مشهداً من مشاهد الاحتفال بنصر حلب الجديد سواء من حيث عقد حلقات الدبكة أو القيام بمبادرات فردية تعبر عن ذلك عبر توزيع الحلوى مثلاً أو تسيير سيارات تحمل العلم السوري وصور الرئيس بشار الأسد أو حتى الحديث بفرح ضمن تجمعات عن أهمية الإنجاز المتحقق، لكن الأهم رؤية الهمة العالية عند الحلبيين إجمالاً للمسارعة إلى ترميم معاملهم ومحالهم للانطلاق بقوة نحو إرجاع مدينتهم إلى وضعها السابق عاصمةً للاقتصاد السوري بعد الذي لحقها من ظلم وحصار تسببا في تضييق الخناق على صناعتهم وأهلها، وهو ما يؤكده نائب رئيس لجنة المنطقة الصناعية في الكلاسة محمود قرموز الذي شدد على أهمية الإنجاز الميداني وانعكاسه على تحسين الوضع الاقتصادي في المدينة خاصة بعد إزالة أكبر المعوقات أمام تصريف الإنتاج بتكلفة وزمن أقل بعد فتح الطريق الدولي بين دمشق وحلب وإعادة تشغيل مطار حلب الدولي، الأمر الذي سيشرع الأبواب عريضة أمام قدوم المستوردين من كل بقاع العالم إلى زيارة المدينة من جديد وإبرام العقود التصديرية تدريجياً، إيذانا ًبعودة منتجات الصناعة الحلبية إلى الأسواق الخارجية التي ظلت تطلب المنتج السوري بسبب جودته ونوعيته، ليبقى الأهم حسب قرموز هو تأمين حاجة السوق المحلية من السلع كالسابق على نحو يسهم في تخفيض الأسعار بالنسبة للمواطن وضبط سعر الصرف، مبدياً تفاؤله بالقادمات من الأيام في تحقيق ذلك وخاصة في ظل الدعم الحكومي المنتظر لحلب وصناعتها.
وهو أمر يؤيده فيه عدد من صناعيي منطقة الكلاسة الذين استبشروا خيراً من حيث انعكاس النصر الميداني على الوضع الاقتصادي للمدينة وإن كانت نتائج هذا الأمر المهم قد تتطلب بعض الوقت في رأيهم، خاصة في ظل حجم الضرر الكبير الذي تعرضت له الصناعة في حلب، لكن رغبة الصناعيين العارمة في إرجاع مدينتهم إلى وضعها السابق ستكون كفيلة بتجاوز الصعاب خاصة أن أغلب الصناعيين عند تدمير معاملهم فتحوا ورشات ضمن بيوتهم للاستمرار والمحافظة على مكانة الصناعة الحلبية في الداخل والخارج، مطالبين الحكومة بتقديم الدعم المطلوب للمساهمة في إنعاش الصناعة الحلبية خلال فترة قصيرة من خلال إعفائهم مدة 3 سنوات من الضرائب، إذ يتم التعامل معهم من قبل وزارة المالية على أنهم يعملون في أوقات الرخاء والازدهار متناسين تعرض المدينة إلى أسوأ الحروب وأقساها.
مهم ولكن
الصناعي علاء مرعي أكد أن فتح الطريق الدولي مهم جداً إذا تمت الاستفادة منه عبر الترانزيت من نقل بضائع الدول المجاورة عبر الأراضي السورية وتحصيل رسوم العبور، وهذا شيء بديهي، لكن السؤال الأهم هل ستتمكن الحكومة من ضبط حالة الفوضى التي كانت سارية على الطرقات في الوقت السابق ومنع إلزام الصناعيين بدفع رسوم لم ينزل الله بها من سلطان وقانون، متأملاً أن يكون للمطار دور في تحسين الوضع الاقتصادي، مطالباً هنا بأن تكون هناك تشريعات وقانون استثمار مشجع على إقامة مشاريع في البلد، مشيراً إلى أن الاقتصاد يحتاج استقراراً ومقومات صناعية من كهرباء وحوامل الطاقة واستقرار سعر الصرف وتحفيز الصناعيين عن طريق إبرام عقود خارجية تنعش الأسواق، لكن للأسف لا توجد نيات صادقة حتى الآن لدفع عجلة الإنتاج و إقلاع عجلة الصناعة، مطالباً بتشكيل وفد صناعي وتجاري يرافق الحكومة الى الدول التي يمكن تسويق المنتجات المحلية وتصديرها إلى أسواقها مع تقديم دعم للصناعي الذي يصدر منتجه ويدخل قطعاً أجنبياً، مشدداً على ضرورة وجود مكاشفة حقيقية وليس أقاويل ومؤتمرات وتصفيقاً، مع وجود فريق يحاول إنقاذ الشعب السوري من معيشته المتأزمة ووجوب محاربة الفساد ومنع احتكار الأسواق من أشخاص قلة يستأثرون بالخيرات والعطايا.
تخفيض الأسعار!
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب عبر أيضاً عن ابتهاجه بالإنجازات المتحققة بهمة الجيش العربي السوري وخاصة بعد وضع الطريق الدولي في الخدمة وإعادة تشغيل مطار حلب الدولي، فخلال الحرب على المدينة المعروفة بأنها مدينة صناعة وتجارة كان هناك استهداف مباشر للقطاع الاقتصادي في المدينة بعد تدمير المعامل والمنشآت الحيوية، ولاحقاً تضييق الخناق على المدينة واقتصادها من خلال قطع الطريق الدولي، لذا من خلال عودة الشريان الحيوي للمدينة المتمثل بالطريق الدولي سيكون لذلك انعكاس إيجابي على تحسن الواقع الصناعي والتجاري في المدينة نظراً لأهمية ذلك في تخفيف نفقات النقل التي كانت تلعب دوراً كبيراً في رفع سعر المنتجات من جراء التكلفة العالية التي كان يتحملها التاجر والصناعي عند نقل المنتجات، وهذه العقبة سيتخلص منها أهل التجارة والصناعة حيث تنخفض تكلفة النقل إلى نحو 30% كحد أدنى على نحو سيسهم في تخفيض السلع على المواطن إلى مستويات مقبولة لأن غلاءها كان أبرز أسباب تكلفة النقل العالية، مستبشراً خيراً بإعادة تشغيل مطار حلب الدولي وفتح أبوابه أمام الرحلات الجوية الداخلية والخارجية، إذ سيؤدي ذلك إلى عودة المهجرين إلى المدن الأخرى والصناعيين والحرفيين المغتربين إلى مدينة حلب للمساهمة في إعمار مدينتهم وصناعتها، لافتاً إلى أن التجارة هي جناح الصناعة باعتبار أن الكثير من المواد الأولية اللازمة للصناعة يؤمنها التجار، كما إن تأمين السلع من معامل حلب أفضل من استيرادها على نحو يخفف التكلفة والوقت، وتالياً أي تحسن في حال الصناعة الحلبية سينعكس حكماً على التجارة وينشط أسواقها التي شهدت ركوداً خلال الفترة الماضية بفعل تداعيات الحرب والحصار، مشدداً على أن الوضع الاقتصادي للمدينة سيشهد تحسناً واضحاً خلال الفترة القادمة وخاصة في ظل رغبة عارمة في إنقاذ مدينتهم مما أصابها وإرجاعها إلى عزها السابق.
توق للعودة
طموح الصناعيين والتجار في الداخل توازيه رغبة كبيرة عند صناعيي حلب في الخارج للعودة وتشغيل معاملهم في المناطق المحررة حديثاً والمساهمة في تسريع دوران عجلة إنتاج الصناعة في حلب خاصة أن عدد المنشآت الكبير المقدر بأكثر من 1300 منشآة تشمل جميع القطاعات و ووضعها في الخدمة كفيل بإحداث فرق جوهري خاصة في ظل تقديم دعم حكومي مجز يسهم في تحقيق هذه الغاية.
توق الصناعيين في الخارج للعودة إلى مدينة حلب وخاصة بعد إعادة تشغيل مطار حلب الدولي الذي كانوا يطالبون بفتحه من أجل العودة إلى المدينة وإعادة ترميم معاملهم المدمرة عبر عنها رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر خلدون الموقع الذي قال: بداية نهنئ أنفسنا وسورية وأهل حلب بتحرير الجيش العربي السوري مدينة حلب، ونسأل الله الرحمة للشهداء وللجرحى الشفاء العاجل. وبيّن أن الصناعيين في مصر أشادوا بالإجراءات التي اتسمت بقمة المسؤولية في المحافظة على المصانع السورية التي تم تحريرها ودعوة أصحابها لاستلامها وهو ماحدث، منوهين بأن ذلك ثمرة استلام الدولة قيادة الملف الاقتصادي.
وشدد على حالة الفرح التي يعيشها السوريون في مصر عموماً خاصة الصناعيين الحلبيين الذين أبدوا رغبتهم في العودة منذ إعلان إطلاق أول رحلة من القاهرة إلى حلب، علماً أن الكثير من الصناعيين أرسلوا مندوبين لهم لاستلام معاملهم لحين وصولهم إلى مدينة حلب
من مصر والتي سيبدؤنها مع أول رحلة للسورية للطيران بعد إعلان التحرير، معربين جميعهم عن التطلع للبدء بتشغيل هذه المصانع وفق الإمكانات الفنية والظروف المتاحة، مؤكداً أن مدينة حلب ستشهد مع الأيام القادمة قدوم الكثير من هؤلاء الصناعيين مع فتح مطارها وتشغيل خط القاهرة حلب القاهرة.
ولفت رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر إلى ضرورة تعزيز هذه المبادرة أو إن جاز التعبير الحالة دعماً لاستمرارها والوصول للنتائج المثمرة في إعادة تدوير هذه المصانع من خلال إجراءات يجب اتخاذها في أسرع وقت ممكن لعل أهمها إقامة حوار حقيقي من خلال لجنة مشتركة بإشراف مباشر ومرجعية عليا، على أن يضم جانب الصناعيين السوريين في مصر من يمثلون مختلف الصناعات، من دون الاقتصار على الوجوه التقليدية فقط، منعاً ودرءاً لشخصنة الحوار وتقزيم النتائج، والوصول لوضع خريطة للعمل الصناعي تقوم على أولوية التعامل مع واقع قائم ، فننظر إلى مستقبل نأمله وإلى تاريخ نستند إليه.
وبيّن ضرورة أن تكون هذه اللجنة المشتركة معنية بالعمل والتواصل مع الجهات المسؤولة لحل أي إشكالية أو عقبة تعترض عودة نشاط هؤلاء الصناعيين وتدوير مصانعهم، ولتسريع الانتقال من الحالة الفردية إلى الحالة الجماعية المنظمة مع تشديد الرقابة على إلغاء ومنع جباية أي أموال خارج إطار الدولة وخزينتها يمكن أن تفرض على تشغيل هؤلاء الصناعيين مصانعهم وإيجاد حل سريع وعاجل لمشكلة القروض المتعثرة التي تعوق عدداً من الصناعيين عن العودة لتشغيل مصانعهم.
وشدد في ختام حديثه على أنه يوماً بعد يوم تظهر أهمية الإسراع في تحديد هوية الصناعة السورية وخريطة طريقها لكونها الإطار والبوصلة لبناء الصناعة الحقيقية التي نتطلع إليها.
محافظ حلب: طريق حلب- دمشق الدولي قريباً جداً في الخدمة
وفي تصريح لمحافظ حلب حسين دياب ل«تشرين» أكد أن الطريق الدولي حلب- دمشق سيكون جاهزاً خلال فترة قصيرة، وأكد أيضاً أنهم كانوا منذ اللحظات الأولى لتحرير حلب يعملون على إعادة تقديم الخدمات إلى أغلب المناطق المتضررة من الإرهاب وأهمها مطار حلب الدولي، وغداً إن شاء الله طريق دمشق- حلب الدولي.
ويعتقد محافظ حلب دياب أن إعادة هذين الشريانين للعمل سيكون لها دور كبير على الوضع الاقتصادي، خاصةً بعد عودة عدد كبير من المعامل إلى المناطق المحررة، وهذا سيكون له نتائج إيجابية على الوضع الاقتصادي عموماً والليرة خصوصاً.
The post حلب… أسطورة صمود وحياة.. واستنفار حكومي كبير appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين



Note: Only a member of this blog may post a comment.