وأنت في أسفل العمر ازرع قصص السنابل بين أشباح الحروب, واصل محاريثك بين الحتوف, لا تمت غريباً, وقف مثل الملك..
وأنت في وحشة العمر ونجومك الحمراء تنتحب كما الطيور الذبيحة لا تضع أحلام أمك في كفن, لا تغمض عينيك, يكفيك ترويض النهر وترويض النساء ولَك أن تبتكر من شقوق يديك العاريتين أوتاراً لأغنية السفر..
نمشي تحت غيمتها ونمضي إلى مهبّ الريح ننتظر النهار من حبرنا الأسود وكل شيء رغماً عن أحلام الأمهات مؤجل..
وأنت خارج العمر والقمر أرمد أغلق الباب وراءك ذهب الذين تحبهم فاسكن في أجفانك المقفرة..
تعرفين نبوءة بابها الشرقي وتعرفين هواي أثقلتني الكلمة كم غفرت وكم قلت أحبك أنا لي يا ميم وجهي الغريب ولَك في الأرض جنتك الموصدة .. أتلمس الطريق إلى ضفافك أماه .. فتهلّ في عينيّ ذكراك بعدك ما لها الأزمنة والأمكنة والأجنة تدخل في أرحام الفراغ أسائل أم النبي فيكبها اليم أين الأمهات أين الأمهات..؟
مهما قلبني اللازورد وتنزلت من بعيد إلى أبعد من اسمها وجدتني أحب أمي على فطرة الروح يزدهي بي الزمان من سرير نجمتي الأولى إلى سر الكواكب المرقومة على جبينها الأبدي وأراني يا زمان بسحر عينيها أسبق الأيام وتسبقني روحي إليها كما لو أن كل أم في الوجود هي أمي .. أنت الآن في حضرة الغفران فلا جدال ولا رفث ولا فسوق في المنتهى من يقين طوافك, وعد إلى حضن أمك كما ولدتك لأول مرة وتلك التي بين الصفا والمروة.. قادمة لتوقيع أحلامها بين يديك, فقم إلى سراجها وأطفئ قناديلك وقل يا رب آه من قلة الحب إذا طال السفر.. كيف التسابق للعناق وأبسطة الريح والغمائم في يديك وقرطاجي الأخضر بلا مركب
والبحر بلا بحر والمجداف في قبضة كفي مأسور فشدوت يا أنضر طفلة طال انتظاري ولكن جسمي واهن والزورق الحيران من غير ذراعيك نيل يجري على غير صبابات العروبة والقلب يا صديقة القلب مكسور..
أغلقوا علي مجرى النهر وسدّوا علي من وراء النهر ينابيعي فمددت يداً إلى بئر الأرض وأخرى إلى سمواتي وقلت للغيم يا غيم يا نهري السماوي كن أنت حبي وينبوعي.
The post دمشق الأمهات appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.