يلتف حبل “كورونا” حول عنق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مضيّقاً الخناق عليه، ولاسيما أنه يبدو كالعاجز والمتخبط في مواجهة وباء تفشى عالمياً، وأصبحت بلاده بؤرة انتشاره المركزية والأولى، في ظلّ ارتفاع أعداد الإصابات على نحو كبير مع ارتفاع عداد الوفيات.
رغم خطورة الوضع لا يزال ترامب يكابر متراجعاً عن قرار سابق له حول احتمال فرض إغلاق منطقة نيويورك، معللاً ذلك بأن “الحجر الصحي لن يكون ضرورياً” على حد قوله!.. لنجد أن توقيعه سابقاً على قانون لتحفيز اقتصاد بلاده بقيمة تريليوني دولار كحزمة إنقاذ اقتصادية للمساهمة في التصدي لفيروس”كورونا”، واللجوء لتفعيل الإنتاج الدفاعي لإنتاج المزيد من أجهزة التنفس ليس إلا من باب حفظ ماء الوجه.
لا يأبه الرئيس الأمريكي بحياة شعبه، ومن قصره العاجي يدعو إلى استئناف العمل في بلاده بسرعة كبيرة، كما يعمد لرفع القيود التي كانت قد فرضت، ما يجعل ترامب أخطر من “كورونا” على الصحة العامة للأمريكيين كما ذكرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، التي أشارت إلى أن سلوك ترامب في التعامل مع الوباء يفتقر إلى القدرة العقلية بشكل خطر، وهذا يتناغم مع ما جاء في صحيفة “الغارديان” بأن شخصية ترامب تجعله آخر إنسان على وجه الأرض يمكن اختياره ليكون مسؤولاً في هذه الظروف.
مكابرة ترامب ستكون ارتداداتها سلبية عليه بالذات، إذ وعلى نحو غير متوقع سيجد نفسه أمام “كورونا” كخصم يقلل من حظوظه في ولاية رئاسية ثانية، ولاسيما مع دخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة الركود، ما سيرتب على ذلك فقدان للوظائف وارتفاع معدل البطالة وهذا يؤخذ بحسبان الناخبين الأمريكيين، وبالأخص أن توجهاتهم تكون عادة مرتبطة بالأداء الاقتصادي لعام الانتخابات كما يرى محللون في مجال الاقتصاد.
فترامب ساهم إلى حدٍ كبير في الوضع الأمريكي الحالي، عندما قلل من أهمية الوباء لأسابيع وتأخر في الاستجابة لمواجهته، والأكثر من ذلك أنه كان مشغولاً بالهجوم على المؤسسات الحكومية داخلياً ولاسيما قطاع الصحة، أما بالنسبة للخارج فكانت سهامه مُصوبة باتجاه الصين في تحميلها -زوراً وبهتاناً- مسؤولية نشر الوباء، بينما الأخيرة تمدّ يد العون لمواجهته.
كشف “كورونا” العورات الأمريكية، إذ تبين أن القطاعين العام والخاص في أمريكا لم يكونا جاهزين لإنتاج وتوزيع الأدوات المطلوبة لإجراء الفحوصات واتخاذ التدابير لمواجهة انتشار الفيروس، حسبما تحدثت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، كما كشف الفيروس عن رداءة النظام الصحي إذ تحدثت تقارير إعلامية عن مطالبة عاملين في مجال الرعاية الصحية الأمريكية بتوفير المزيد من الأدوات والمعدات الوقائية لمواكبة تزايد أعداد المرضى، في حين أصبحت العديد من المستشفيات في مدن نيويورك ونيو أورليانز وديترويت على شفا عدم القدرة على استيعاب المرضى مع تصاعد عدد حالات الإصابة بالفيروس.
ليس هذا فحسب، فإذا لم يتم احتواء الوباء فإن المرضى لن يجدوا مكاناً شاغراً في المستشفيات بحلول أواخر الشهر المقبل، حسب دراسة نشرها فريق طبي بريطاني.
وبناء عليه، لم يعد المشهد في الداخل الأمريكي بعد تفشي “كورونا” مأمون الجانب بالنسبة لترامب نتيجة عنجهيته، فمن خارج الخصوم التقليديين يأتي “كورونا” ليكون خصم ترامب في الانتخابات المقبلة، وهو وحده من يحدد إن كان ترامب سيحظى بولاية ثانية أم لا.
The post “كورونا” خصم ترامب في الانتخابات appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.