عشرة أيام على استقالة المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة.. الأسماء المرشحة لخلافته ما زالت قيد التكهنات (وليس التسريبات) وتنحصر في نائبته، الأميركية ستيفاني ويليامز، والسوداني يعقوب الحلو وهو ضمن فريق سلامة كمنسق للشؤون الإنسانية.. أما الأمم المتحدة فلم تعلق حتى الآن.. فيما الساحة الليبية على حالها.
ما سبق خلاصة الأيام الماضية ما بعد استقالة سلامة، وإذ نستحضرها الآن فليس للحديث عنها بقدر الحديث عما كان لافتاً فيها، وهي مسألة أنه ولأول مرة تمّر مسألة استقالة مبعوث أممي بهذه اللامبالاة، وحتى لا نُتهم بالمغالاة نقول: من دون اهتمام يُذكر، أو ما سبق واعتدنا عليه، علماً أن ليبيا من الملفات الرئيسية على طاولة الأمم المتحدة.
بكل الأحوال، كل ما قيل في غسان سلامة وفشله يكاد يكون نسخة مكررة عما قيل في الخمسة الذين سبقوه وهو أيضاً نسخة عما يُقال في كل المبعوثين الأممين على امتداد القضايا والأزمات العربية، كما في اليمن كأبرز مثال.
الأغلبية تتحدث عن فشل هؤلاء، وتحملهم مسؤولية تفاقم الأزمات بدلاً من حلها.. تتجاهل هذه الأغلبية عجزاً أو عمداً الأسباب الحقيقية للفشل ليلصقوه بشخص المبعوث الأممي أو بالمنظمة الأممية. كل مبعوث أممي لا يتسلم مهامه إلا ومعها وصفة مُسبقة للفشل، كمبعوث منزوع الصلاحيات، يُدبج «الإحاطات» ويقرؤها أمام المجتمع الدولي، ولا شيء آخر، وحتى عندما يصدر قراراً ما، يبقى حبراً على ورق، أو يتحول إلى «نكتة» حسب وصف ويليامز في تصريحات لها منتصف شباط الماضي.
.. أو لنقل إن كل مبعوث أممي يتسلم مهامه تحت عنوان «فشل مسبق الصنع» مُصمم ومُنسق ومُرتب لكل مرحلة بمرحلتها، وفي إطار ما يريده المتدخلون، وبما لا يملك معه المبعوث الأممي أي خيارات للنجاح، فكل الأبواب موصدة.. وعليه يجد نفسه أمام طريقين: إما أن يصمد لأطول فترة ممكنة، وإما أن يحفظ ماء وجهه مبكراً ويستقيل.
هذا ليس دفاعاً عن المبعوثين الأممين، إنما هو واقع الحال الذي حفظناه غيباً.. ويبدو أننا اعتدناه لدرجة أنه لم يَعُد يعنينا.
The post فشل مُسبق الصنع appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.