“الرغيف والدم”.. ثمانية أعوام على مجزرة فرن حلفايا “الممنهجة”

https://ift.tt/eA8V8J

جالسًا على رصيف الطريق الغربي لفرن مدينة حلفايا المركزي، ليرتاح بعد عناء انتظار طابور طويل للحصول على الخبز المقطوع عن المدينة منذ أربعة أيام.

كان محمد العبدو يبلغ من العمر حينها 12 عامًا، وكان قد أنهى مهمته في شراء الخبز وسط إلحاح من صديقه ليعطيه قطعة من رغيف ساخن، قبل أن تطل طائرة حربية في السماء، وكان ذلك آخر ما رآه في حياته.

بعد حوالي عشرين يومًا، في إحدى مستشفيات تركيا، بدأ محمد الإحساس بمن حوله وسمع صوت أبيه، “الحمد لله أنك ماتزال على قيد الحياة”، لكنه فقد بصره بعد خضوعه لخمس عمليات جراحية في الرأس وثلاث في العينين، حسب حديثه لعنب بلدي.

كان محمد أحد ضحايا مجزرة فرن مدينة حلفايا في 23 من كانون الأول 2012، وهو واحد من 36 فرنًا استهدفهم النظام، وقتل في تلك الاستهدافات أكثر من 310 مدنيين، بينهم 60 طفلًا وأربع نساء، وأصيبما لا يقل عن 1257 آخرين، حسب بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، التي اعتبرت أن مجازر الأفران “متعمدة”.

الأرض مغطاة بالقتلى والجرحى

مدير المستشفى الميداني في مدينة حلفايا شمال غربي حماه، آنذاك، الطبيب عماد الدين أبو زيد، كان شاهدًا على المجزرة، وروى لعنب بلدي مشاهداته في ذلك اليوم.

لا ينسى الطبيب طفلة في الـ 12 من عمرها، بترت ساقها في القصف وأصيبت في وجهها، وكانت الدماء تسيل على ثيابها حين وصولها إلى المشفى، “وضعتها على سرير الإسعاف وخلعت سترتها التي ترتديها، وفوجئت بالخبز الذي كانت وضعته داخل سترتها قبل الإصابة وقد مزج بدمها”.

وتابع الطبيب، “بعد وقت قصير لم نعد نشاهد أرضية المستشفى، التي كانت عبارة عن قبو أسفل المدرسة، بسبب عدد القتلى والجرحى الكبير من المدنيين”.

الناشط الإعلامي غياث الرجب، وهو من أهالي مدينة حلفايا وشاهد على المجزرة، قال لعنب بلدي، “منذ ثمان سنوات وحتى الآن ورغم ما تعرضت له من مآسي ونزوح، لم أنسَ رائحة الدماء والأشلاء والبارود الممزوجة برائحة الخبز”.

ماذا حدث حينها

كانت فصائل “الجيش الحر” قد سيطرت على مدينة حلفايا بشكل كامل في 15 من كانون الأول 2012، وبدأت بعض الخدمات تعود تدريجيًا إلى المدينة بإدارة الفصائل العسكرية، ومنها الفرن المركزي حسب الناشط، غياث الرجب.

وتعرضت المدينة لقصف يومي من قبل قوات النظام بعد سيطرة الفصائل، إلا أن القصف توقف بشكل تام يوم 23 من كانون الأول 2012، وهو ما وجد فيه الأهالي فرصة نتيجة نقص الخدمات في المدينة، التي لم يدخلها أي نوع من أنواع الغذاء كالخبز والطحين منذ أربعة أيام، فقررت الفصائل العسكرية تفعيل أحد الأفران، حسب الطبيب عماد الدين.

وبدأ الفرن في العمل الساعة الثالثة عصرًا، ليتجمع الأهالي لشراء الخبز، وحوالي الساعة الرابعة نفذ الطيران الحربي لقوات النظام دوران في سماء المدينة، ما شكل حالة رعب بين الأهالي الموجودين أمام الفران، وابتعدوا عنه، وبعد غياب الطيران الحربي عن الأجواء عادوا  إلى الفرن، حسب الناشط غياث.

وتجمع الأهالي من جديد، ثم استهدفهم الطيران بثمانية صواريخ عنقودية، سقط أحدها على بعد متر واحد من شباك الفرن، حسب غياث.

لم يستوعب المشفى الميداني المؤلف من طبيب وعدد من الممرضين العدد الكبير من القتلى والجرحى، ونقل عدد من الجرحى إلى المشافي القريبة في مدن اللطامنة وكفرزيتا شمالي حماة، ثم حولوا إلى المستشفيات الحدودية لينقلوا إلى تركيا.

“مشاهد مرعبة”

وقال الطبيب عماد الدين أبو زيد، إنه بعد قصف الفرن بخمس دقائق “بدأت سيارات الإسعاف والسيارات الخاصة تتوافد إلينا، كان المشهد مرعبًا، نظرًا للأعداد الكبيرة للقتلى والإصابات الخطيرة، وخصوصًا حالات البتر والحرق الكامل الذي أدى للتفحم، حاولنا إسعاف من بقي على قيد الحياة ومن نستطيع تقديم أي شيء له”.

أحصي قرابة 200 واصل إلى المشفى، بينهم 93 قتيلًا و30 بترت أطرافهم، ووصل عدد من أجريت لهم عمليات فتح البطن والإصابات العصبية إلى نحو 70 أغلبهم من النساء والأطفال، واستنفرت كافة الكوادر الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، حسب الطبيب.

وبعد ساعتين من المجزرة جمعت جثث وأشلاء المدنيين في أحد طوابق المدرسة ليتم التعرف عليها، ثم أخذت جثث القتلى إلى المقبرة بغية الدفن، لتستهدفهم قوات النظام المدنيين خلال الدفن.

وعثر بعد عدة أيام على عدد من القتلى المفقودين والأشلاء على أسطح المنازل المجاورة للفرن، أما المصابين فلم يعد الكادر الطبي يعرف كيف أصبحت أحوالهم بسبب نزوح الأهالي، حسب الطبيب عماد الدين.

Read more
Posted from Enabbaladi
Thank you for reading the “الرغيف والدم”.. ثمانية أعوام على مجزرة فرن حلفايا “الممنهجة” on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.