لم يستطع دحام الفاضل (40 عامًا)، ري محصول الذرة الخاص به، على الرغم من مرور أكثر من 15 يومًا على غرس بذار الذرة في التراب.
دحام، وهو مزارع من بلدة الكرامة بريف الرقة الشرقي، قال لعنب بلدي، إن عددًا كبيرًا من مزارعي ريف الرقة الشرقي لم يتمكنوا حتى الآن من سقاية أراضيهم المزروعة بمحصول الذرة.
ويشتكي مزارعون بريف الرقة الشرقي من الأثر السلبي على موسم الذرة الحالي، بسبب توقف عدد كبير من مشاريع الري، بالإضافة إلى جفاف أصاب بعض الآبار السطحية نتيجة انخفاض مستوى نهر “الفرات”.
وأضاف دحام أن بعض المزارعين لجأوا إلى تعميق الآبار السطحية، أو إيجاد حلول أخرى رغم التكلفة المادية العالية لتلك الحلول، لكنها تبقى أقل أثرًا من جفاف المحصول.
وأشار دحام إلى أن المزارعين الذين لم يسقوا أرضهم هم أقل ضررًا من المزارعين الذين استطاعوا ري المرحلة الأولى وأنبتت محاصيلهم، ولكنهم عاجزون الآن عن متابعة الري لبقية الموسم.
تجاهل رسمي لمطالب المزارعين
قدم خالد الفرج عدة طلبات لـ”لجنة الزراعة والري” في “مجلس الرقة المدني”، بضرورة إيجاد حلول عاجلة تنقذ ما تبقى من موسم الذرة.
لكن “لجنة الزراعة والري” لم تستجب لتلك المطالبات وتجاهلتها، بحسب ما قاله خالد لعنب بلدي، واقتصر رد اللجنة على وعود أطلقها موظفوها حول دراسة عدد من الحلول.
وأُنشئت في الرقة خلال السنوات الماضية عدة محطات للري، منها خمس محطات في قرية بئر الهشم بريف الرقة الشمالي، التي توزع المياه عن طريق قنوات أسمنتية تصل إلى أراضي الفلاحين بشكل مباشر.
وتقع محطتان في منطقة الكرامة والحمرات بريف الرقة الشرقي، ومحطتان أيضًا في ريف الرقة الجنوبي، وتعتمد تلك المحطات بشكل مباشر على مياه نهر “الفرات” ورافده “البليخ” في ري الأراضي الزراعية.
تحذيرات مسبقة من الجفاف
وقال عضو في “لجنة الزراعة والري” في الرقة، إن اللجنة حذرت المزارعين في وقت سابق من هذا العام بضرورة تجنب زراعة المحاصيل الصيفية والتي تحتاج لكميات كبيرة من مياه الري مثل القطن والذرة.
عضو “لجنة الزراعة والري”، (طلب عدم ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحًا للحديث للإعلام)، تحدث لعنب بلدي، عن إمكانيات محدودة للجنة، لكنها ستعمل على تقسيم ضخ المياه من المحطات بالريف الشرقي للرقة، وتركيزه باتجاه معين بشكل دوري لإنقاذ الموسم.
وتبلغ مساحة الأراضي المروية في الرقة 240 ألف هكتار، منها 90 ألف هكتار تُروى عن طريق محطات الري، وقسم يُروى عن طريق مضخات خاصة للمزارعين الذين تقع أراضيهم على أطراف نهر “الفرات”، وقسم يروى بالآبار الارتوازية.
ويرى مزارعون في ريف الرقة، تحدثوا لعنب بلدي، أن “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا تطلق التصريحات عن دعم المشاريع الزراعية والمحاصيل المهمة، مثل القمح والذرة والشعير والقطن، لكن تلك الخطط تسقط عند أول أزمة يصاب بها الموسم.
وفي 3 من آب الحالي، قال الرئيس المشترِك لـ “هيئة الاقتصاد والزراعة”، سلمان بارودو، في تصريح لوكالة “نورث برس” المحلية، إن “الإدارة الذاتية” قدمت 45 طنًا من بذار الذرة على شكل عقود آجلة الدفع للمزارعين في مناطق شمال وشرق سوريا.
ومنذ بداية العام الحالي، انخفضت نسبة تدفق نهر “الفرات” نحو الأراضي السورية حتى 181 مترًا مكعبًا بالثانية، رغم وجود اتفاقية موقعة في العام 1987 تحدد نسبة التدفق بـ500 متر مكعب بالثانية.
ويحتل محصول الذرة المرتبة الثالثة في أهم المحاصيل الزراعية بالرقة بعد كل من القمح والقطن، ويستخدم كأعلاف للدواجن، إضافة إلى استخدامه في المعجنات وأنواع من الخبز، وينتج منه الزيت النباتي.
والذرة من المحاصيل القصيرة الموسم، التي تنتشر زراعتها بشكل أساسي في الأراضي المروية، وتتراوح مدة زراعتها بين ثلاثة وأربعة أشهر، وتختلف نوعيتها مع اختلاف نوع التربة الزراعية.
وافتقرت الرقة طوال الفترة الماضية لإحصائيات دقيقة تتحدث عن المساحات المزروعة أو حتى كمية الانتاج.
وكانت محافظات الجزيرة السورية، الرقة والحسكة ودير الزور، تشكّل سلة سوريا الغذائية قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، لكن المنطقة خسرت هذه الصفة تدريجيًا مع التغيرات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها.
اقرأ أيضًا: البذار في الرقة لا تنبت.. مزارعون يشتكون
Read morePosted from Enabbaladi
Note: Only a member of this blog may post a comment.