مضى أربعة وأربعون عاماً على حرب تشرين التحريرية، ولا تزال ذكريات الحرب التي كنت فيها مجرد نقطة من شلال ملحمة أسطورية.. ملحمة سجلها التاريخ بأحرف من نار ونور، وكرست شعار «أن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».. محطمة خرافة (الجيش الصهيوني الذي لا يهزم!..).. وقد هُزم بسواعد أبطالنا، وسُجِّلت مآثرهم في صفحات المجد، وهوت طائرات العدو بصواريخ جيشنا، ومدافعه السديدة، كما تهوي خفافيش الظلام أمام بريق الشمس.. بينما المواطنون المدنيون من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، في المدن والقرى، اعتلوا أسطح منازلهم ليتابعوا ما لم يعتادوه في حروب سبقت كانوا فيها يلتزمون الأقبية، ويطمسون زجاج بيوتهم بطلاء أزرق معتم…
وإن أنسى، لا أنسى، حين مرّ رتل لوائنا المدرع عبر بلدات وقرى سهول حوران، كيف انتظمت أرتال من النساء يحملن أباريق الماء لسقاية العطشانين، كتحية لهم، وإن كانوا غير عطاش…. وأثناء العودة أمطرننا بالزغاريد والأرز، والورد وحبيبات الحلوى… فثمة جنود، وقادة جنود، قاتلوا حتى الرمق الأخير، واستحقوا شرف الشهادة.. وبأم عيني، تابعت على أطراف بحيرة طبريا نقيباً من لوائنا، تعطلت دبابته بصاروخ أرضي.. فصعد خارج الدبابة، وراح يقاتل العدو ببندقيته حتى الثمالة، والاستشهاد.. ومن أسف أن الحوارات (الفلسفية) بيننا لم تكتمل.. والأرجح هي الرؤية الملائمة ما بيننا بين يسار.. ويسار!.. وكلاهما في مسار واحد مختصر هو الوطن..
وعودة على بدء.. حيث مدرسة حرب تشرين المجيدة لا تزال مدرسة لأجيال وأجيال.. ومعارك الأمس الغابرة، والفاشلة التي لم تؤد إلى انتصار العدو، أضحت إلى شبه استسلام غير معلن.. وفي المعارك.. كل المعارك في العالم، ثمة قوّة متمثلة في القطب الأكثر عدوانية في العالم.. والأكثر اضطراباً أمنياً…
وفي المحصلة: كانت مدرسة حرب تشرين التحرير المجيدة مدرسة وبوابة لغدٍ مشرق وآمن.: «وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً».
The post قوس قزح.. ينابيع تشرين المجيدة appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.