تشكل الدبلوماسية إحدى الطرق الناجعة لحل القضايا الدولية في هذا القرن المتعدد الأطراف ومنها الملف النووي الإيراني، لكن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على أنها القطب الأوحد يضع الاتفاقيات الدولية على المحك، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يتوقف عن مهاجمة الاتفاق النووي الإيراني الذي هو اتفاق متعدد الأطراف وقع بمعادلة «رابح – رابح» بين إيران والأطراف الدولية، بزعم أن إيران «تسعى للحصول على السلاح النووي»، قائلاً في خطابه حول الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران: «سوف نحرم النظام الإيراني من كل المسارات التي تمكنه من الحصول على سلاح نووي».
لكن الرئيس الأمريكي لا نعلم إن كان يعلم عن الفتوى الإيرانية الشهيرة بتحريم السلاح النووي وعن قوة العقيدة التي تحترم هذه الفتوى، ونحن والعالم ندرك أن رفض ترامب التصديق على الاتفاق النووي لا ينبع من المصلحة الأمريكية، فمن داخل أمريكا تقول وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت: إن نسف الاتفاق النووي يلحق ضرراً كبيراً بالأمن القومي الأمريكي، واصفةً الخطاب بـ«الهستيري والخطر».
ولكن سنسير وراء ترامب ونسأل: في حال «أنتجت إيران السلاح النووي» أين سيستخدم!. لنتبع السؤال بآخر: ماذا عن «إسرائيل» والاتفاق النووي الإيراني؟.
لا يخفى على أحد أن الكيان الإسرائيلي هو من أكثر محرضي ترامب الذي يلتزم بأمن الكيان على مواقفه العدائية تجاه إيران، والتي نجحت لحد ما في جرجرة عرب الخليج لموقفها المعادي لطهران مبتعدة بهم عن قضية فلسطين، ومن هنا كانت «إسرائيل» وممالك الخليج من أكثر المرحبين باستراتيجية ترامب الجديدة.
نعود لنسأل: أين ستستخدم إيران السلاح النووي لو فرضنا امتلاكها له؟ مع وقفة منطقية هل يمكن استخدامه في فلسطين و توجهه نحو القدس أو ضد ممالك وإمارات الخليج؟!، لتعادي بذلك كل المسلمين في العالم؟، هنا شيء من محاكاة الزهايمر، التي يعيشها مؤيدو نظرية «سعي إيران لامتلاك السلاح النووي».
لكن في متابعة نوعية العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران على خلفية الملف النووي والتي أغلبها تتحرش بالمنظومة الصاروخية الإيرانية، نكتشف أن هدف هذه الهمروجة، هي القوة الصاروخية الإيرانية، فترامب قال: إن إدارته «تعمل على منع إيران من تطوير برنامج للصواريخ الباليستية». وحقيقة هذا الموقف أيضا كشف عنه القلق الإسرائيلي ليس من «امتلاك إيران للسلاح النووي»، بل من منظوماتها الصاروخية المتطورة فبعد إجراء إيران لتجربة ناجحة لصاروخ «خرمشهر» الذي يبلغ مداه ألفي كيلومتر، أي إلى فلسطين المحتلة، ارتفع الصراخ في «إسرائيل» التي بدأت بتوسيع نشاطها الدعائي ضد إيران وكان العنوان «الملف النووي»، بينما الغايات الحقيقية هي برنامج إيران الصاروخي، فرئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو طالب في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وفرض قيود على المشروع الصاروخي لطهران الذي لم يتم إدراجه في الاتفاق.
وعليه إن استراتيجية ترامب الجديدة في حال تطبيقها ستجعل أمريكا في عزلة عن المجتمع الدولي، كما ستضع التعاون الدولي على مفارق طرق خطرة،فيما هي استراتيجية تهدف لحماية أمن «إسرائيل».
The post أمن«إسرائيل» في استراتيجية ترامب appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.