أسمع صوتك جارحاً على خشب العود، كأنه أوتار حزينة.. أو خمسة مقامات متناغمة.. فأنت الموال والأغنية.. وأسألك عبر هسيس نخلة أمدد روحي تحت ظلها.. أو تسألين عن الكلمة البلسم… هي ذي.. أحرفها في الحنجرة غصّة صعبة المخارج.. صعبة، مؤلمة، وجارحة.. وما أبعد أن تأتي الحرية، مثل حمام يؤوب إلى عشه.. والأبعد أن تصبحي أغنية ضائعة على أرصفة شاسعة.. أو تصبح أطاريف لحقول الروح..
موجعة روحي بك.. وروحك موجعة بأغنياتي الصامتة.. إنما جسدي يشتهي الجمر.. وخلاياي تتوق إلى انتماء الشمس بعد دهْرٍ من الثلج.. وقد انتميت إلى روح صعبة.. وجسد بسيط.. ودواوين شعر منسيّة… هل هو قوامك الصعب.. أم روحي المشتعلة على رصيف منسي؟.. أم هي امتداد نهارك إلى البحر، ونعاسك إلى ميناء بعيد؟.. أو نغمة على أنين وتر؟.. ووحده الخشب ينتظر الأنين.. أو ينتظر ابتداء الأغنية.. وأنت تبتدئين..
وبيننا بلاد.. بيننا بوادٍ وصقور.. وبيننا رموز آلهة منسية.. وبيننا اشتقاق الكلمة: أحبُّ.. يحبُّ.. أقصد اشتقاق القول في مزامير العاشقين.. أقصد اشتقاق الرغبة من معاجم الوقت.. وأما موشحاتي الحلبية إليك فموجزة بحيث لا تحتاج إلى كتابة.. ولهذا أظن أن الألِفَ كانت لاماً.. ثم استقامت حين وعت فضيلة الوضوح..
مَن الواضِحُ في هذا الزمن المضطرب؟!… وأما أنا فقد دخلت مجد القرنفل.. وعلي الآن أن أنْبُت واضحاً في حقول الضوء.. وما أصعبك حيال أغنيتي الواضحة..
إنها لعبة الحب والكلام.. أو لعبة الروح المستعرة توقاً إلى حرية.. أو لعبة السيف المشدود إلى جسد..
فمن يشتري باقات الكلام.. موزوناً، أو بلا وزن؟.. من يشتري أوتاراً بلا دوزنة؟.. من يشتري الروح.. جديدة أو مكررة؟… ومن يستبيح الجسد؟.. رغبتي أم خوفك الدامي؟.. من يحمل عشقي إليك صليباً إلى الجلجلة؟.. ومن يصنع القيامة الجليلة؟..
صعب هذا الكلام؟
صعب مثل أدراج تصعد إلى المستحيل.. وصعبة روحي، لأنها موسومة بك.. صعبة دروبي لأنها صاعدة إليك.. وأما الكلام فسهل، لأنه الكلام.. لأنه اسمك العذب مثل فرات.. لأنني الوضوح مثل غراف على دجلة..
فتعالي نزرع هذا التراب بالعشق والنخيل.. لا العشق يرمي مواسمه مثل سنابل القمح.. ولا النخيل يصنع أعراسه قبل الفجر..
وتصمتين.. فأسمعك.. أسمع روحك على خشب العود.. وأسألك الحنين..
The post آفاق.. سـاقية حنين appeared first on صحيفة تشرين.
Rea morePosted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.