الإبداع الفني كسؤال بالنسبة للفلسفة ..!

نعم إن الفلسفة تقترب كثيراً وفي غالب الأحيان من الفن في غاياته ومقاصده ونتائجه حيث يرتبطان بالتجربة البشرية في أصولها الأولية أي تجربة الحياة والجسد وإذا كان بإمكان العالم استعمال لغة رمزية رياضية دقيقة وأن يصف عمله بواسطة خطاطات عقلية ونماذج صورية فإن الفيلسوف لا يستطيع ذلك لأن لغته لا تتحقق إلا من خلال أعمال فلسفية يمكن إلى حد ما أن تكون شبيهة بالأثر الفني الذي تكمن قيمته في ما تم إنجازه فعلياً فالغاية التي تسكنهما معاً هي تأمل المعيش واليومي وإعادة بنائهما كتجربة وجود متعالية داخل عالم المعنى والرمز.. والفلسفة منذ حوارها مع الإبداع اعتبرت أن الفن يقول شيئاً قريباً من الحقيقة أو شبيهاً بها؛ فمثلاً لاحظ سقراط أن الشعراء الذين تحكمهم الغريزة والإلهام يشبهون بعضهم لأنهم أيضاً يقولون أشياء جميلة لكن دون أن ينتبهوا إلى ما يقولونه وكأن الإبداع بعمومه يطرد على ما يبدو من نمط كتابة الأثر الوعي بدلالة القول الفني الذي يستدعي بالضرورة حسب الفيلسوف تدخل الفلسفي.. على أن الفنان وبشكل ما لا يحتاج في الخطاب الكلاسيكي إلى المفهوم المجرد ليتمثل ما هو حقيقي ومطلق ذلك أن الأساسي في الفلسفات التأملية الميتافيزيقية يوجد خارج التمثيل والتشبيه والتخييل فهذا الأمر يعد موضوع بحث نظري دقيق يجعل من الجميل بهاءاً للحقيقة وسطوعها المرئي هو بالضبط إبداع المخيلة الجمالية التي تحمل الفنان وتذهب به إلى تخومها القصوى متجاوزة بذلك العلم والفلسفة، ومن هنا كان التشكل لمفارقة بين صورة الفيلسوف الذي يبحث وينظر ويتساءل والفنان الذي يبدع وينحت ويكشف.. على أن الفلسفة وفي لا وعيها تحتاط مما هو إبداعي وتمثيلي كونه نتاج مخيلة الذات وأوهامها والمخيلة لا تقول الحقيقة والفنون عموماً لا تفكر في ذاتها ما جعلها تتحول إلى سؤال بالنسبة للفلسفة لا بالنسبة لذاتها.

 

Rea more
Posted from صحيفة تشرين
Thank you for reading the الإبداع الفني كسؤال بالنسبة للفلسفة ..! on Syria News Kit If you want to spread this News please include links as Source, and if this News useful please bookmark this page in your web browser, by pressing Ctrl + D on your keyboard button, Or click the share button to place it on your profile.

Latest news:

Note: Only a member of this blog may post a comment.