ربما تكون الطرود المفخخة التي أرسلها أحد أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى معارضيه من الحزب الديمقراطي ظاهرة جديدة تكشف جوهر الديمقراطية التي يتشدقون بها، والتي كانت من البنود الرئيسية للاستراتيجية الأمريكية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، «فنشر الديمقراطية» وحماية «إسرائيل» والسيطرة على منابع النفط والمناطق الاستراتيجية هي ركائز أساسية للاستراتيجية الأمريكية، ومن مظاهر «نشر الديمقراطية» على الطريقة الأمريكية هذا التحالف المشبوه بين أمريكا و«إسرائيل» التي تمارس الإرهاب المنظم وبين أمريكا وبني سعود الذين يموّلون «القاعدة» وفروعها ويمارسون القمع والنشر بالمنشار لكل من يعارضهم، وقد اتسمت «الديمقراطية» الأمريكية في العقود الماضية بالتفخيخ عبر «ثقافة» السيارات المفخخة التي اعتمدتها لنشر الفوضى عبر عملائها من «القاعديين والوهابيين والداعشيين»، وعبر سياساتها التي عمدت إلى تفخيخ القرارات والاتفاقيات الدولية والمبادرات والاجتماعات والتجمعات ومهمات المبعوثين الدوليين الذين تعينهم الأمم المتحدة لحل النزاعات «ولكن وفق ماتريده واشنطن» ولهذا نجد أن المبعوثين الدوليين إلى سورية واليمن وليبيا يعلنون فشلهم أو عدم قدرتهم على الاستمرار نتيجة الضغوط الأمريكية. وفي هذا السياق تأتي تصريحات ستافان دي مستورا المتناقضة مع الواقع الذي قدمت فيه الحكومة السورية كل أشكال التعاون الذي يتيح له إدارة حوار نزيه بين السوريين، لكنه كان يسعى لتنفيذ التفخيخ الأمريكي وتنصيب نفسه «آمراً ناهياً» على خلاف ما نصت عليه مهمته المحددة من الأمم المتحدة.
وفي إطار التفخيخ أيضاً ليس من المستبعد أن تكون إدارة ترامب قد حاولت تفخيخ الاجتماع الذي استضافته اسطنبول يوم أمس وجمع قادة روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا، ذلك الاجتماع الذي قالت موسكو إنه ليس لتحقيق اختراقات على صعيد حل الأزمة في سورية.
إن حل الأزمات في ليبيا وفي اليمن لم يتحقق، لأن وراءها أصابع التفخيخ الأمريكية، ولولا ذلك التفخيخ الأمريكي لانتهت كل أزمات المنطقة، وتوقفت شلالات الدم التي تشرف على تدفقها أمريكا المتسترة وراء أقنعة الديمقراطية والتي تعمل مع عملائها على إرهاب الشعوب عوضاً عن نشر الديمقراطية.
الطرود المفخخة التي تم إرسالها من نصير للحزب الجمهوري إلى أوباما وكلينتون وإلى صحيفة تنتقد ترامب وإلى آخرين هي طريقة قد يتم تعميمها لقتل المعارضين في الولايات المتحدة بعد أن كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعتمدها لإرهاب الشعوب!
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.