على حين أن العقوبات الأمريكية تسمح لإيران من الناحية التقنية باستيراد الأدوية، فإنها مجرد خدعة لجعل المسؤولين الأمريكيين يظهرون بمظهر الرحماء، وفي الواقع، فإن الآلية التي تعمل بها العقوبات تشير إلى أن الشعب الإيراني سيُحرم حتماً من الأدوية الأساسية، هذا لأن الولايات المتحدة توسع نظام العقوبات الخاص بها إلى المصارف التي تعالج المدفوعات إلى إيران، والتي من المحتمل أن تمنع توريد الأدوية إليها.
جاء هذا في مقال نشره موقع «رون بول انستيتيوت» الأمريكي الذي أكد أن الهدف وراء العقوبات الأمريكية هو قتل أكبر عدد ممكن من الإيرانيين في محاولة فاشلة لدفع الشعب الإيراني للتمرد، و«إسقاط» الدولة الإيرانية المناهضة للولايات المتحدة، واستبدالها بأخرى مؤيدة لها، مثلما حصل في انقلاب 1953 الذي نظمته الـ«سي آي أيه» الأمريكية، والذي دمر تجربة إيران الوطنية الديمقراطية الأولى، وبطبيعة الحال، فإن واشنطن لا يعنيها موت مئات الآلاف من الإيرانيين في أحداث دموية كهذه، تماماً مثلما استهزأت بالضحايا السوريين الذين ذهبوا ضحية للحرب التي يشنها الغرب ومن لف لفه على سورية، وأيضاً بضحايا العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على العراق خلال التسعينيات.
وتابع المقال: لقد تسببت العقوبات الاقتصادية على العراق آنذاك في مقتل مئات الآلاف من الأطفال، في مؤامرة دنيئة، وهنا يأتي على البال القول الشهير لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت عندما أكدت أن موت الأطفال العراقيين «يستحق العناء المبذول»، فيما عكس الموقف الرسمي لإدارة بيل كلينتون، وذلك لأن قتل العراقيين كان يُنظر إليه بالطريقة نفسها التي تسمح بقتل الإيرانيين اليوم, وسيلة يمكن من خلالها تركيب نظام مؤيد للولايات المتحدة في السلطة.
وأضاف المقال: ما فعله المسؤولون الأمريكيون مع الناشط في مجال السلام الأمريكي بيرت ساكس يفضح دناءتهم أمام أي أحد يحاول مساعدة الشعب الإيراني، بما يشمل حتى البنوك التي تعالج المدفوعات، فقد تم تغريم ساكس بمبلغ قدره عشرة آلاف دولار من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، وذلك لقيامه بنقل ما تبلغ قيمته 40 ألف دولار من الأدوية إلى أطفال العراق خلال رحلته الثانية إلى هناك في عام 1997، حيث أعتقد ساكس أن العقوبات الأمريكية ضد العراق كانت معيبة أخلاقياً، ولم يكن وحده من رأى ذلك، حيث استقال ثلاثة من كبار المسؤولين في الأمم المتحدة في صحوة ضمير ضد ما اعتبره البعض إبادة جماعية ضد الأطفال العراقيين.
وأكد المقال أن هذا ينسحب على العقوبات الأمريكية المفروضة على كوريا الديمقراطية، وعلى الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا في حقبة الحرب الباردة، فالأمريكيون يعملون على مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة».
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.