لم ينتظر رئيس النظام التركي رجب أردوغان كثيراً للرد على خروج وفد بلاده من مؤتمر باليرمو حول ليبيا, بخيبة أمل عميقة بعد تهميشه واستبعاده عن أحد الاجتماعات غير الرسمية للمؤتمر الذي عقد في إيطاليا الأسبوع الماضي وتمخّض عن استنتاجات من المرجح أنها لن تغادر الورق الذي دوّنت عليه على غرار ما حصل في مؤتمر باريس وقبله اتفاق الصخيرات.
الرد التركي جاء ساخناً عبر إشعال جبهة العاصمة الليبية طرابلس وتجديد الاشتباكات بواسطة ميليشيات «لواء الصمود» التي تعد أحد أبرز أذرع النظام التركي في ليبيا, وذلك في رسالة مفادها إبلاغ الأطراف الإقليمية والدولية التي لعبت دوراً في تهميش أنقرة، أن الأخيرة قادرة على خلط الأوراق في طرابلس وإفشال اتفاق وقف إطلاق النار في أي وقت, بالإضافة إلى إفهامهم أن أردوغان قادر على توظيف الميليشيات المحسوبة عليه لزيادة نفوذه والحفاظ على الاستثمارات الليبية في تركيا ومنع أي حكومة مستقبلاً من المطالبة بنحو 21 مليار دولار من الأموال الليبية المودعة في المصارف التركية.
التحركات العسكرية التي عكرت صفو الهدوء في طرابلس، تعد أول رد فعل سلبي من جانب تركيا على طريقة التعامل معها في مؤتمر باليرمو، لكن من المهم الإشارة إلى ما سبق التحركات العسكرية من حملة إعلامية موجهة قادتها قنوات فضائية ليبية بثت من تركيا ضد مؤتمر باليرمو ومخرجاته وضد مصر وجميع الدول التي شاركت بالقمة الأمنية المصغرة واستبعدت منها تركيا.
هذه التحركات إن دلت على شيء فإنها تدل على رغبة تركية في حضور طاغٍ خلال المؤتمر والعمل على سحب ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من القاهرة وتسليمه لها، لكن ما حدث أصاب الأطماع التركية في مقتل, إذ أخفقت أنقرة وبدت غير مؤثرة في مفاصل الأزمة الليبية
أضف إلى ذلك أن العارفين بالشأن الليبي لا يمكن أن يغفلوا استثمار الحكومة التركية واستخباراتها للميليشيات ومدها بالمال والسلاح فضلاً عن تماهيها مع التيارات المتشددة التي تسيطر على بنغازي بتواطؤ تركي – قطري مشترك بهدف إطالة أمد الصراع واستنزاف موارد ليبيا حتى يأتي ذلك الزمن الذي يمكن أن يسود فيه أحد التيارات المتشددة المدعوم تركياً.
وما يزيد من ضبابية المشهد الليبي أن مؤتمر باليرمو خلص إلى حقائق محبطة ومخيبة للآمال بعد أن اختتم بمخرجات لم تُصَغ على شكل اتفاق وإنما جاءت في بيان ختامي لم يخرج في مجمله عما انتهى إليه سابقاً مؤتمر باريس واتفاق الصخيرات في استنساخ واضح للفشل.
Posted from صحيفة تشرين
Note: Only a member of this blog may post a comment.